وتشير تقارير نقابية إلى أن عشرات معامل التعبئة تعمل بلا تراخيص أو تحت غطاء قانوني هش، في ظل غياب رقابة صارمة من الوزارات المعنية، خصوصاً الطاقة والداخلية. بعض هذه المعامل أقيم في مناطق سكنية مكتظة، ما يزيد المخاطر أضعافاً، ويجعل أي حادث محتمل كارثياً، خصوصاً وان هذه المعامل تفتقر إلى أبسط تجهيزات الحماية من الحرائق أو أنظمة الإطفاء الحديثة.
وفي هذا الاطار، يؤكد نقيب العاملين والموزّعين في قطاع الغاز ومستلزماته في لبنان فريد زينون، في حديث عبر “لبنان 24” أن معامل تعبئة الغاز غير الشرعية ليست المشكلة الوحيدة التي يعاني منها هذا القطاع اليوم، مشيراً الى انه اضافة الى هذه المشكلة هنا ظاهرة دخول قوارير الغاز (الكامبينغ) من سوريا والصين بمواصفات غير مطابقة للمعايير، إضافة الى إشكالية فصل وزارة الطاقة عن وزارة الصناعة وتداعيات ذلك على تنظيم القطاع ومراقبته، وأزمة الصهاريج غير المستوفية لشروط السلامة العامة والشركات غير المرخّص لها التي تعمل من دون معايير أمان.
ولفت زينون الى ان كل هذه المواضيع يجب ان تكون محط اجراءات سريعة لملاحقة ومعاينة معامل التعبئة، والتي لا بد أن تشمل كل الأراضي اللبنانية من دون استثناء، إيمانًا منا بأن سلامة المواطن هي الأولوية القصوى، وعلى ضرورة متابعة الخلل التنظيمي في إطار متابعتنا الحثيثة لملف الخلل القائم في القطاع، معتبراً أن الممارسة الخطرة المتمثلة في تعبئة قوارير الغاز من الصهاريج مباشرة في الأحياء السكنية تستوجب تحركاً عاجلاً للحكومة في معالجة هذا الملف الخطير والتي تتطلب تحركًا فوريًا وجديًا من كل الوزارات والإدارات المعنية في الدولة اللبنانية.
ودعا زينون الى إصدار تعميم عاجل من وزير الداخلية إلى القوى الأمنية والمحافظين والبلديات يقضي بـإزالة كافة الخزانات غير الشرعية وغير المطابقة للمواصفات فورًا، إضافة الى منع وضع الخزانات على أسطح المباني والمحلات واستعمالها لتعبئة قوارير الغاز، لما فيه من مخالفة صريحة للقانون وخطر على السلامة العامة، وتوقيف الصهاريج غير المطابقة للمواصفات والتي تشكل خطرًا متحركًا على الطرقات وحياة المواطنين، وتبليغ جميع شركات التعبئة بعدم تعبئة أي خزّان أو قارورة غير شرعية أو غير مطابقة للمواصفات، تحت طائلة المسؤولية القانونية.
واضاف: “لقد عملنا على معالجة سلسلة التوريد من التصنيع إلى التلف، وأصبحت القوارير المطابقة للمواصفات العالمية والمؤمنة لأعلى معايير الأمان متوافرة لتلبية حاجة المنازل والمؤسسات. وان استبدال القوارير غير الصالحة هو خطوة حياة تحمي الناس وممتلكاتهم.”
وقال: “إن واجبنا يحتم علينا المتابعة حتى النهاية، وواجب الدولة يحتم عليها التحرك الفوري لحماية مواطنيها. فالوصول إلى تنظيم شامل وآمن للقطاع هو الضمانة الوحيدة لاستمرارية الخدمة دون أخطار.”
واعتبر زينون ان المطلوب اليوم تحديث التشريعات المتعلقة بقطاع الغاز وتطبيقها بصرامة، إضافة إلى فرض مواصفات إلزامية للمعامل وضمان نقلها إلى مناطق صناعية بعيدة عن التجمعات السكنية. كما يُفترض إنشاء جهاز رقابي متخصص مزوّد بصلاحيات واضحة، تكون مهمته مراقبة المعامل ومراكز التخزين بشكل دوري، مع فرض عقوبات رادعة بحق المخالفين، مشيراً الى ان العديد من الاقتراحات ستكون على طاولة البحث في الاجتماعات التي من المتوقع عقدها مع الوزراء المعنيين لا سيما وزيري الطاقة والداخلية.
في المقابل، يبرر أصحاب هذه المعامل عملهم بحجج اقتصادية منها الحاجة إلى تأمين مصدر رزق، ضعف الرقابة الرسمية، وتكلفة التحديث الباهظة التي يعجزون عن تحملها في ظل الأزمة المالية. غير أن هذا التبرير لا يلغي حجم المخاطر ولا مسؤولية الدولة عن ضبط الفوضى.
ففي السنوات الأخيرة، سجلت عدة حوادث انفجارات في مستودعات أو مراكز تعبئة، خلّفت ضحايا وخسائر مادية جسيمة، لتعيد النقاش في كل مرة إلى الواجهة من دون الوصول إلى حلول مستدامة.
اذا، مشاكل عديدة يعاني منها قطاع توزيع الغاز في لبنان والتي ليست مجرد مخالفة إدارية، بل تهديد مباشر لحياة اللبنانيين في ظل أزمات لا تحتمل كارثة جديدة. وبين مسؤولية الدولة وتقاعس بعض أصحاب المعامل، يبقى المواطن الحلقة الأضعف، محكوماً بالعيش إلى جانب خطر قد ينفجر في أي لحظة.
تعبئة الغاز في لبنان: قنابل موقوتة خارج الرقابة وتحرك سريع مطلوب

في بلد يختزن أزمات متلاحقة، ومع اقتراب موسم الشتاء، يطفو ملف معامل تعبئة الغاز غير المستوفية للشروط، وصهاريج الغاز المتنقلة بين المنازل، كواحدة من أكثر الملفات خطورة على السلامة العامة. فهذه المعامل والصهاريج، المنتشرة في مختلف المناطق اللبنانية، تعمل في كثير من الأحيان بعيداً عن المعايير الدولية ومقاييس السلامة، لتتحول عملياً إلى “قنابل موقوتة” مهددة حياة السكان وممتلكاتهم.
ما رأيك؟
رائع0
لم يعجبني0
اعجبني0
غير راضي0
غير جيد0
لم افهم0
لا اهتم0
اترك ردك