وتابع: “مع ذلك، فإن مراجعة تاريخية موجزة للعلاقات بين إسرائيل وسوريا تكشف أنه على الرغم من أن سوريا كانت خصماً عنيداً ــ إذ خاضت 4 حروب مع إسرائيل (1948، 1967، 1973، و1982) ــ فإنها انخرطت في مفاوضات مع إسرائيل في عدة مناسبات، بل واقتربت حتى من توقيع اتفاقية سلام”.
وأضاف: “لقد بُذلت محاولات أكثر جدية للتوصل إلى اتفاق سلام في التسعينيات، بعد اتفاقيات أوسلو. أجرى نظام الأسد مفاوضات مباشرة، بوساطة أميركية، مع رؤساء الوزراء إسحاق رابين، وشمعون بيريز، ونتنياهو، وإيهود باراك. كان باراك الأقرب للتوصل إلى اتفاق، إذ لم تفصل بين الجانبين سوى بضع عشرات من الأمتار من شاطئ بحيرة طبريا”.
واستكمل: “تتمثل مصلحة الشرع المباشرة في وضع سوريا على مسار إعادة الإعمار، مع مراعاة مخاوف الأقليات (الأكراد والدروز والعلويين)، ومكافحة الفصائل الجهادية المارقة. هذه العملية لا تزال في مراحلها الأولى. ومن شأن الاستقرار والهدوء أن يجذبا استثمارات وقروضاً كبيرة من المجتمع الدولي”.
واعتبر التقرير أن “الاتفاق الأمني المتجدد بين إسرائيل وسوريا، إذا تم التوصل إليه، من شأنه أن يؤدي إلى نوع جديد من التطبيع “، وأضاف زاعماً: “حتى الآن، حددت ثلاثة أنواع من التطبيع: أولا، الاتصالات وراء الكواليس من دون اتفاق رسمي، كما هو الحال مع دول عربية مثل سلطنة عمان؛ ثانياً، العلاقات الرسمية في المقام الأول على المستوى الحكومي، كما هو الحال مع مصر والأردن ــ ما نشير إليه غالبا باسم “السلام البارد”؛ وثالثا، العلاقات الأكثر دفئاً التي تشمل التعامل مع منظمات المجتمع المدني، كما هو الحال مع المغرب والإمارات العربية المتحدة (ما يسمى اتفاقيات أبراهام)”.
واستكمل: “إن النوع الجديد من التطبيع لن يكون مجرد اتفاق سلام، بل سيتضمن ترتيبات أمنية من شأنها تمكين التعاون السري في مجموعة من المصالح الإقليمية المشتركة في مواجهة إيران والتهديدات المتبادلة الأخرى. يمكن لمثل هذا الاتفاق أن يُمهّد الطريق لتطبيع على غرار اتفاقيات أبراهام بعد فترة من بناء الثقة. ومن أمثلة ذلك ظهور شادي مارتيني، رجل الأعمال والناشط السياسي السوري الذي شارك في المساعدات الإنسانية التي قدمتها إسرائيل خلال الحرب الأهلية، في المؤتمر الافتتاحي للوبي الكنيست للترويج لترتيب أمني إقليمي، الذي عُقد الأسبوع الماضي”.
وقال: “في المقابل، فإنَّ قضية مرتفعات الجولان ستظل موضع نزاع. فمن ناحية، استلزم السلام مع مصر والأردن انسحاب إسرائيل من كل الأراضي التي احتلتها في عام 1967، الأمر الذي شكل سابقة وخلق توقعات على الجانب العربي؛ ومن ناحية أخرى، اضطرت سوريا منذ عام 1939 إلى تقبل خسارة لواء الإسكندرونة لصالح تركيا، ولكن هذه القضية لم تعيق ازدهار العلاقات بين البلدين”.
وختم: “كان لهجوم حماس في السابع من تشرين الأول 2023 عواقب غير مقصودة عديدة؛ فيما كان سقوط نظام الأسد أحدها، وأي اتفاق بين إسرائيل وسوريا سيندرج ضمن هذه الفئة”.
المصدر:
ترجمة “لبنان 24”
اترك ردك