نشر موقع “العربي الجديد” تقريراً تحت عنوان “نساء غزة يتحدين جوع الإبادة عبر أعمال شاقة”، وجاء فيه:
ترتب الفلسطينية نعيمة أبو سلطان (56 عاماً) ربطات الخبز في سوق دير البلح الشعبي وسط قطاع غزة، تجهيزا لبيعها وكسب بعض المال الذي يعينها على توفير قوت أسرتها التي تعاني ظروفا اقتصادية متردية، فيما لا تمتلك أي مصدر دخل يمكنها من توفير متطلباتها الأساسية.
نساء غزة ينوعن المهن
وتوضح أبو سلطان، وهي من منطقة الزوايدة الملاصقة لدير البلح أنها بدأت مشروعها الصغير بشراء ربطة خبز واحدة وبيعها مرة تلو الأخرى، إلى أن تمكنت من ادخار مبلغ 50 شيكلا، واستدانة مبلغ 200 شيكل لتوسيع مشروعها، عبر زيادة عدد ربطات الخبز وإتاحة المجال لعمل أبنائها معها. (الدولار يساوي 3.63 شواكل).
وتبين أبو سلطان لـ”العربي الجديد” أنها قامت بتوزيع الأدوار بينها وبين أبنائها، حيث يتم شراء ربطات الخبز، وتقوم هي بالبيع على البسطة، فيما يتجول باقي أبنائها داخل السوق مشيا على الأقدام، بالاستعانة بدراجة هوائية تحمل الخبز حتى بيع الكمية كاملة قبل فسادها بفعل درجات الحرارة المرتفعة وعدم وجود إمكانية لتبريدها أو حفظها نظرا للانقطاع الكامل للتيار الكهربائي.
محطات النزوح
وتتعدد أشكال مساندة الفلسطينيات لأسرهن، إذ توضح الفلسطينية أسماء أبو العيس التي نزحت برفقة أسرتها من منطقة النصر وسط مدينة غزة، إلى عدة محطات نزوح انتهت في منطقة التحلية غربي مدينة دير البلح، أنها قامت بشراء طاحونة يدوية صغيرة لطحن الحمص وإضافة المكونات اللازمة لصنع خلطة الفلافل وتجهيزها لأبنائها لبيعها داخل السوق، وتجهيز وجبة أخرى ليبيعها زوجها مقلية على الحطب خلال ساعات الصباح والمساء.
وتبين أبو العيس لـ”العربي الجديد” أنها تقضي ساعات طويلة في طحن الفلافل، لتوفير ثمن الطحن عبر ماكينة كهربائية بمقابل مادي يصل لكل كيلو إلى 3 شواكل، وذلك لمساندة زوجها الذي خسر عمله داخل بقالته التي دمرها الاحتلال، بعد قصف المبنى الذي كان يضم الشقة التي استأجرها زوجها منذ أربعة أعوام بما فيها من أثاث وملابس وفراش.
المأكولات الشعبية والحلويات
وتلفت قديح، والتي قامت بالنزوح برفقة عائلتها من منطقة خزاعة بحديثها لـ”العربي الجديد” إلى أن سوء الواقع الاقتصادي، الذي كانت تعاني منه قبل الحرب بفعل التداعيات السلبية للحصار الإسرائيلي منذ ثمانية عشر عاما، تضاعف بسبب العدوان، وتدمير البيوت، والمحال التجارية، وانعدام القدرة الشرائية لدى المواطنين المنشغلين في الوقوف بالطوابير الخاصة بتوفير أساسيات الحياة، وفي مقدمتها الماء، والخبز، والمساعدات الإنسانية الشحيحة.
بيع المنظفات
وعلى أحد المفترقات المؤدية لسوق دير البلح، أقامت الفلسطينية فاطمة الخليلي خيمتها التي تؤويها مع باقي أفراد أسرتها وقد حجزت أمام مدخلها مكانا لطاولة صغيرة وضعت عليها بعض أصناف المنظفات والكلور وسائل الجلي وفوط الأطفال، وتقول إنها بدأت العمل منذ نزوحها من مدينة غزة نحو المناطق الجنوبية، ومن ثم إلى المنطقة الوسطى.
وتلفت الخليلي بحديثها لـ”العربي الجديد” إلى أنها لم تعد تحصل على أي مصدر دخل بعد وفاة زوجها ومن ثم توقف صرف شيكات الشؤون الاجتماعية المخصصة للأسر الفقيرة، ما دفعها للعمل على أمل توفير ما يمكنه سد رمق عائلتها المكونة من خمس بنات، إلى جانب ابنها محمد وهو الأصغر سنا، ويساعدها على تصفيف البضائع، والمناداة عليها.
وإلى جانب الإرهاق الجسدي المترافق مع الإرهاق المعنوي والنفسي، فإن الخليلي تعاني من الأوضاع السيئة للأسواق، لحظة الشراء من التجار بأسعار متفاوتة ومضاعفة مرة بعد مرة، أو لحظة بيعها للزبائن الذين يعانون ظروفا اقتصادية غاية في السوء. وتقول: “نعاني طوال الوقت، لكن لا مفر، فنحن لا نمتلك رفاهية الاختيار، فإما التعب اليومي أو الجوع”. (العربي الجديد)
اترك ردك