إف-35: الطائرة التي ابتلعت تريليونات ولم تحلّق بوعودها

أشارت صحيفة” The National Interest”، إلى أنّ “رغم الحملة الدعائية الضخمة التي رافقت إطلاقها، تقف طائرة إف-35 لايتنينغ 2، التي أنتجتها شركة لوكهيد مارتن، أمام سجل محبط مليء بالعقبات التقنية والتكاليف المتصاعدة. فالطائرة متعددة المهام من الجيل الخامس، والتي دخلت الخدمة منذ سنوات، لم تحقق بعد ما وعدت به. وفيما تستمر الإدارة الأميركية بالترويج لها كأداة ردع رئيسية، تبرز تساؤلات جدية حول فاعليتها وجدواها المالية”.



أضافت:” انطلق برنامج “المقاتلة الضاربة المشتركة” (JSF) في مطلع الألفية الجديدة بهدف استبدال أسطول أميركا من طائرات الجيل الرابع بطائرة واحدة متعددة المهام. وقدّرت التكاليف الأولية للمشروع بـ200 مليار دولار، إلا أن الواقع تجاوز تلك التقديرات بأشواط. وبحلول عام 2023، أكّد مكتب المحاسبة الحكومي الأميركي (GAO) أن الكلفة الشاملة للبرنامج ستبلغ 1.7 تريليون دولار، وقد ترتفع إلى أكثر من 2 تريليون مع استمرار التعديلات والتأخير، ما يجعلها أغلى برنامج تسليحي في التاريخ الحديث. السبب؟ التصميم المتزامن مع التصنيع والاختبار، وما يُعرف في الأوساط الدفاعية بسياسة “الطيران قبل الشراء”. هذا النهج تسبب في إعادة تصميم متكررة، استفاد منها مقاولو الدفاع على حساب دافعي الضرائب”.

تابعت:” كان من المفترض أن تكون إف-35 حلاً شاملاً للقوات الجوية والبحرية والمارينز، بنسخ متعددة: تقليدية، وأخرى للإقلاع العمودي، وثالثة للهبوط على حاملات الطائرات. لكن هذا الطموح أدى إلى تنازلات تقنية جوهرية، أضعفت من قدرات الطائرة في المهام الأساسية. فعلى سبيل المثال، جاءت الأجنحة صغيرة لتتناسب مع مساحات الحظائر البحرية، ما أثر سلبًا على المناورة والسرعة. وفي محاكاة قتالية، فشلت إف-35 في التغلب على مقاتلات أقدم منها، كإف-16، ناهيك عن أدائها الضعيف مقارنة بشقيقتها إف-22 رابتور، التي تُعد فعليًا أكثر تفوقًا”.

أضافت:” رغم بلوغ مرحلة الإنتاج الكامل عام 2024، لا تزال الطائرة تعاني من عيوب مزمنة في نظام التبريد والحرارة، ما يحد من قدرتها على تنفيذ مهام عالية السرعة، ويزيد من نفقات الصيانة. وتشير تقارير حكومية إلى أن أسطول إف-35 يحقق الجاهزية التشغيلية فقط 30% من الوقت. أما البرمجيات، فتمثل عقدة أخرى. إذ لا تزال المئات من العيوب البرمجية دون معالجة، وبعضها يعرض الطائرة لمخاطر أمنية، وفق ما أكدته مصادر عسكرية. في إحدى القواعد الجوية الأميركية، أبلغ ضباط أن قناصًا ببندقية عيار 50 قادر على تعطيل الطائرة وهي على المدرج بطلقة دقيقة، قبل أن تقلع”.

وقالت:” المشكلات لم تؤثر فقط على ميزانية وزارة الدفاع الأميركية، بل امتدت إلى الحلفاء. فقد أظهر تقرير المدقق العام الكندي في 2025 أن أوتاوا تكبدت تجاوزًا في التكلفة بلغ 8 مليارات دولار على صفقة إف-35، وسط تقارير عن نية التخلي عنها لصالح طائرة أوروبية أقل تكلفة وأكثر موثوقية من الجيل 4.5.

بالنظر إلى هذه المعطيات، بات واضحًا أن التسويق السياسي والعسكري لطائرة إف-35 فاق أداؤها الواقعي بكثير. فرغم الوعود بتفوق تقني وشبحية ومرونة تشغيلية، جاءت النتائج مخيبة، حتى أن صناع القرار في الصين – الخصم الاستراتيجي الأول للولايات المتحدة – لا يأخذون التهديد باستخدامها على محمل الجد”.

ويختتم المراقبون أن ما يُسمى بـ”سلاح المستقبل”، قد تحول إلى عبء ثقيل، يشكّل رمزًا لإخفاقات البيروقراطية الدفاعية، ولقوة لوبي الصناعات العسكرية في واشنطن.