الاعتراف بالدولة الفلسطينية.. هل هو خسارة لـ”حماس”؟

 

وتابع البيان مُخاطباً ماكرون: “اليوم نناشد رئيس الجمهورية أن يطلب هذا الاعتراف. دعونا لا نخالف التاريخ. دعونا لا نكون في معسكر العار. إن صوتنا وتضامننا يمكن أن يُحدثا الفارق. عاش العدل، عاش السلام، عاشت فلسطين حرة”.

وأكمل: “لقد سلكت إسبانيا وإيرلندا والنرويج طريق الكرامة الإنسانية من خلال الاعتراف رسمياً بدولة فلسطين، لتنضم بذلك إلى 143 دولة تعترف بها. لكنّ فرنسا، بلد حقوق الإنسان، بلد التنوير، ما زالت لا تقوم بهذه الخطوة”.

وحول ذلك كتب المحللة السياسية ألكسندرا شوارتزبرود نائبة مدير تحرير صحيفة “ليبراسيون” مقالة افتتاحيّة تحت عنوان “نعم، يجب أن نعترف بالدولة الفلسطينية”، مُعتبرة أنّه، وإن كان لا يوجد شيء قادر على وقف اندفاع رئيس وزراء إسرائيل القاتل والمُتهوّر، فإنّ الاعتراف الدولي بفلسطين كدولة سوف يُشكّل رفضاً صارخاً لسياساته، ومؤكدة أنّه “عند هذا المستوى من انسداد الأفق والسخرية، كلّ الرموز والسياسات لها أهميتها”.

خرافة

ودعت شوارتزبرود المُجتمع الدولي، وخاصة فرنسا، للاعتراف بشكل عاجل بالدولة الفلسطينية، مُشدّدة على أنّ هذا الاعتراف “لا يصبّ في مصلحة حماس،” وأنّه “يجب أن نضع حدّاً لهذه الخرافة التي تنشرها حكومة نتنياهو وجميع مُؤيّديها.

وتُفسّر ذلك المحللة السياسية الفرنسية بالقول إنّ حركة حماس ليس لديها مصلحة في رؤية الدولة الفلسطينية وهي تتشكّل، إذ أنّ حماس تؤسس شرعيتها على الحرب، فالدولة الفلسطينية بالشكل اللائق، ذات الهياكل الإدارية وقوة الشرطة الحقيقية التي تستحق هذا الاسم بالفعل، لن تتمكن من تغذية منظمة “إرهابية” داخل صفوفها، فيما رئيس الوزراء الإسرائيلي لا يجر السكان المدنيين الفلسطينيين للقتل فحسب، بل أيضاً المُجتمع الإسرائيلي الذي سيجد نفسه قريباً منبوذاً من قبل المُجتمع الدولي بأكمله الذي يتجّه للاعتراف بغالبيته العُظمى بدولة فلسطينية كرفض علني وصارخ لسياسات إسرائيل.

من جهتها، أشادت هيئة التحرير في يومية “ليبراسيون” بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ومُعسكره، والذين لا يستبعدون حلّ الدولتين رغم التأجيل، إلا أنّها وجّهت انتقاداً لرئيس الوزراء غابريال أتال بسبب الغموض الذي يفرضه حول رأي الأغلبية بشأن الاعتراف بفلسطين.

انقسام الأحزاب الفرنسية

 

وحلّ الدوليتين مقبول في فرنسا رسمياً وشعبياً رغم بُعد تطبيقه. ومؤخراً، كان ماكرون أكد أنّ الاعتراف بالدولة الفلسطينية ليس من المُحرّمات، وأنّه على الاستعداد للقيام بهذه الخطوة المُهمّة، لكنّه أضاف أنّه يجب أن يتم تطبيق ذلك في الوقت المناسب وليس تحت تأثير العاطفة.

وحسب اليومية الفرنسية، فإنّه ومع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية الأوروبية في 9 حزيران الجاري، فإنّ أحزاب اليسار باتت مُنقسمة وغير موحدة تجاه الاعتراف بدولة فلسطينية، وذلك بينما شدّد جان لوك ميلينشون زعيم حزب فرنسا الأبية على ضرورة استخدام كافة وسائل الضغط لإنهاء الفظائع الإسرائيلية بما في ذلك الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

وفيما دافعت المرشحة الرئاسية السابقة مارين لوبان باسم حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، عن حلّ الدولتين، اعتبر رئيس الحزب جوردان بارديلا أنّ الاعتراف بفلسطين في هذه المرحلة يعني إضفاء الشرعية على حركة حماس. وبالمقابل عبّر إريك سيوتي زعيم حزب الجمهوريين من اليمين الفرنسي عن مُعارضته لتشكيل مجموعة الصداقة الفرنسية الفلسطينية في البرلمان الفرنسي باعتبار أنّ “فلسطين ليست دولة”.

تردد دبلوماسي

 

من جهته، المحلل السياسي والكاتب في “لو موند” فيليب ريكارد، قال إنّه وبعد خطوات أوروبية مماثلة، فإنّ باريس تدرس بعناية طرق الاعتراف المُحتمل بالدولة الفلسطينية، لكنّها لا ترغب في التسرّع، وهو موضوع بات مُثاراً جداً في الحملة الانتخابية للبرلمان الأوروبي، وسط انقسام سياسي وتردد دبلوماسي في فرنسا.

ونقل عن رافاييل جلوكسمان، رئيس القائمة المدعومة من الحزب الاشتراكي في الانتخابات الأوروبية، قوله “أشعر بخيبة أمل”، مُعرباً عن أسفه لأنّ هذا القرار “تأجل إلى أجل غير مُسمّى”.

 

كذلك، اعتبر رئيس الدبلوماسية الفرنسية السابق جان إيف لودريان، أنّ هذه اللفتة الدبلوماسية أصبح “لا غنى عنها” رغم مُعارضتها من قبل بعض أحزاب اليمين، مؤكداً أنّه على العكس من ذلك، فإنّ فرنسا يجب ألا تكون حريصة على عدم الوقوف ضدّ حكومة نتنياهو، التي تعتبر بشكل خاطئ أنّ الاعتراف بدولة فلسطينية هو “مكافأة للإرهاب” وتُواصل رفض حلّ الدولتين. (24)