منذ بدء السجال السياسي بشأن “هبة المليار يورو” التي أعلِنت في نهاية زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين، والرئيس القبرصي نيكوس خريستو دوليدس قبل أكثر من أسبوع، بدا أنّ “التيار الوطني الحر” استعاد “زخمًا” افتقده لأشهر طويلة بل سنوات، وتحديدًا منذ ما قبل انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، أو ما يحلو لـ”العونيّين” تسميته بـ”العهد القوي”، مع كلّ “الجدلية” التي ينطوي عليها هذا المصطلح.
فبعد ساعاتٍ فقط على الإعلان عن الهبة الأوروبية للبنان، أطلّ رئيس “التيار” الوزير السابق جبران باسيل في مؤتمر صحافي، رفع فيه السقف إلى الحدّ الأقصى المُتاح، مهاجمًا الحكومة على جري عادته، ومعها المجتمع الدولي برمّته، لتكرّ بعده سبحة “القياديّين العونيّين” الذين تناوبوا على الإطلالات الإعلامية والسياسية، ليكرّروا الكلام نفسه تقريبًا، في ما بدا “حملة منظَّمة” عنوانها “رفض التطبيع مع الوجود السوري في لبنان”، إن جاز التعبير.
لم يكتفِ “التيار” بذلك، بل ذهب لحدّ إعلان “الانتفاضة” من بوابة النازحين، من خلال تجمّع احتجاجي نظّمه أمام مقرّ الإسكوا في وسط بيروت، رفضًا لمحاولات “تصفية” قضية النزوح السوري، مع وعدٍ باستكماله بتحركات ميدانية متنقّلة بين مختلف المناطق، بالتوازي مع جولة سياسية على بعض الأفرقاء، ما يطرح السؤال عن مآلات انتفاضة “التيار” المستجدّة بقيادة باسيل، وما إذا كانت “محصورة” عمليًا بملف النازحين، دون غيره من الاستحقاقات.
مسار “نضالي” لم يكتمل
يقول المحسوبون على “التيار الوطني الحر” إنّ أخذ الأخير لزمام المبادرة في موضوع النزوح السوري لا يفترض أن يكون مستغرَبًا، باعتبار أنّ “التيار” أخذ على عاتقه هذا الملف منذ سنوات طويلة، بل إنّ المسار “النضالي” على خطّه بدأ منذ العام 2011، علمًا أنّ “عونيّين” تعمّدوا الترويج لتسجيلات صوتية للوزير باسيل تعود إلى ذلك العام، وهو يحذر فيه من خطورة معضلة النزوح، ويدعو لمقاربة جدّية ومسؤولة للملف.
من هنا، كان من الطبيعي وفق ما يقول هؤلاء، أن يستنفر “التيار” بكلّ قواه في أعقاب الكشف عن “هبة المليار يورو”، التي رغم كلّ ما قيل عن كونها “غير مشروطة”، لم يكن من الممكن قراءتها “عونيًا” على الأقلّ، سوى بوصفها “رشوة” للسلطات اللبنانية مقابل “ضمان” بقاء اللاجئين السوريين على أرض لبنان لأربع سنوات قادمة، وهي بهذا المعنى تشكّل “تهديدًا وجوديًا” للوطن برمّته، في ظلّ تخاذل المجتمع الدولي بالتعامل معه.
وبعيدًا عن “المزايدات الشعبوية” التي قد يكون البعض وقع في فخّها بصورة أو بأخرى، يشدّد المحسوبون على “التيار” على أنّ الأمر اللافت في حراك ما بعد “هبة المليار يورو” يتمثّل في “وحدة الموقف” اللبناني إزاء ملف النازحين، ولا سيما أنّ الكثير من القوى التي كانت تعارض “التيار” وتصفه بالعنصري، باتت تتبنّى اليوم موقفه وأدبيّاته من ملف النزوح، وهو ما يجدر البناء عليه في المرحلة المقبلة، بحسب ما يقول هؤلاء.
رهانات على انتفاضة “التيار”
استنادًا إلى ما تقدّم، لا يجد المحسوبون على “التيار” مانعًا في الحديث عن “انتفاضة” أطلقها “التيار” في الأيام الأخيرة في موضوع النازحين السوريين، وإن كانوا يفضّلون القول إنّه “فعّلها” بناء على الموقف الشعبيّ المستجدّ من القضية، التي يتصدّى لها عمليًا منذ العام 2011، مشيرين إلى أنّ المطلوب الآن أن “تعمَّم” هذه الانتفاضة على سائر الأطراف والقوى السياسية، التي بات واضحًا أنّها “تتقاطع” على الموقف نفسه، من ملفّ “يؤرق” كلّ اللبنانيين دون استثناء.
يشدّد المحسوبون على “التيار” على أنّ هذا الأمر بات ملموسًا بشكل أو بآخر، وقد ظهر بوضوح مثلاً خلال اللقاء الذي جمع وفدًا من تكتل “لبنان القوي” برئيس مجلس النواب نبيه بري، كما يظهر في مواقف سائر الأطراف، ومنهم من يُعَدّون “خصومًا للتيار”، لكنهم يتلاقون معه على اعتبار النزوح “مؤامرة وجودية”، علمًا أنّ الحكومة التي يهاجمها “التيار”، لم تعبّر يومًا عن موقف مخالف، بل تدعو باستمرار لوجوب مقاربة الأمر بجدية ومسؤولية.
وإذا كان “التيار” يراهن على موقف ما في جلسة 15 أيار النيابية، يمكن أن يشكّل “حصنًا للبنان” إذا ما تمّت بلورته بناء على المصلحة العامة أولاً وأخيرًا، فإن العارفين يستبعدون أن تفضي “انتفاضته المستجدّة” إلى أيّ مكان، طالما أنّ المواقف من الاستحقاقات الداهمة “تراوح مكانها”، ولا سيما أنّ المطلوب في المقام الأول “الإفراج” عن استحقاق الرئاسة، الذي يبدو أنّه لم يعد يشكّل “أولوية” لا لـ”التيار” ولا لغيره من القوى السياسية.
على أهمية ملف النزوح السوري، وضرورة التوصّل إلى موقف لبناني قوي وموحّد، يمكن أن تتلقّفه الأسرة الدولية، يشدّد العارفون على أنّ ما بات واضحًا أنّ انتخاب رئيس للجمهورية يبقى “النواة” التي ما عاد جائزًا القفز فوقها. فكما أنّ وجود الرئيس ضروري لمواكبة “ترتيبات” ما يسمّى بـ”اليوم التالي” لحروب المنطقة، فهو أكثر من أساسيّ إذا ما توافرت الإرادة لحلّ معضلة النزوح السوري، مع ما يتطلبه ذلك من تنسيق مع المجتمع الدولي!
فبعد ساعاتٍ فقط على الإعلان عن الهبة الأوروبية للبنان، أطلّ رئيس “التيار” الوزير السابق جبران باسيل في مؤتمر صحافي، رفع فيه السقف إلى الحدّ الأقصى المُتاح، مهاجمًا الحكومة على جري عادته، ومعها المجتمع الدولي برمّته، لتكرّ بعده سبحة “القياديّين العونيّين” الذين تناوبوا على الإطلالات الإعلامية والسياسية، ليكرّروا الكلام نفسه تقريبًا، في ما بدا “حملة منظَّمة” عنوانها “رفض التطبيع مع الوجود السوري في لبنان”، إن جاز التعبير.
لم يكتفِ “التيار” بذلك، بل ذهب لحدّ إعلان “الانتفاضة” من بوابة النازحين، من خلال تجمّع احتجاجي نظّمه أمام مقرّ الإسكوا في وسط بيروت، رفضًا لمحاولات “تصفية” قضية النزوح السوري، مع وعدٍ باستكماله بتحركات ميدانية متنقّلة بين مختلف المناطق، بالتوازي مع جولة سياسية على بعض الأفرقاء، ما يطرح السؤال عن مآلات انتفاضة “التيار” المستجدّة بقيادة باسيل، وما إذا كانت “محصورة” عمليًا بملف النازحين، دون غيره من الاستحقاقات.
مسار “نضالي” لم يكتمل
يقول المحسوبون على “التيار الوطني الحر” إنّ أخذ الأخير لزمام المبادرة في موضوع النزوح السوري لا يفترض أن يكون مستغرَبًا، باعتبار أنّ “التيار” أخذ على عاتقه هذا الملف منذ سنوات طويلة، بل إنّ المسار “النضالي” على خطّه بدأ منذ العام 2011، علمًا أنّ “عونيّين” تعمّدوا الترويج لتسجيلات صوتية للوزير باسيل تعود إلى ذلك العام، وهو يحذر فيه من خطورة معضلة النزوح، ويدعو لمقاربة جدّية ومسؤولة للملف.
من هنا، كان من الطبيعي وفق ما يقول هؤلاء، أن يستنفر “التيار” بكلّ قواه في أعقاب الكشف عن “هبة المليار يورو”، التي رغم كلّ ما قيل عن كونها “غير مشروطة”، لم يكن من الممكن قراءتها “عونيًا” على الأقلّ، سوى بوصفها “رشوة” للسلطات اللبنانية مقابل “ضمان” بقاء اللاجئين السوريين على أرض لبنان لأربع سنوات قادمة، وهي بهذا المعنى تشكّل “تهديدًا وجوديًا” للوطن برمّته، في ظلّ تخاذل المجتمع الدولي بالتعامل معه.
وبعيدًا عن “المزايدات الشعبوية” التي قد يكون البعض وقع في فخّها بصورة أو بأخرى، يشدّد المحسوبون على “التيار” على أنّ الأمر اللافت في حراك ما بعد “هبة المليار يورو” يتمثّل في “وحدة الموقف” اللبناني إزاء ملف النازحين، ولا سيما أنّ الكثير من القوى التي كانت تعارض “التيار” وتصفه بالعنصري، باتت تتبنّى اليوم موقفه وأدبيّاته من ملف النزوح، وهو ما يجدر البناء عليه في المرحلة المقبلة، بحسب ما يقول هؤلاء.
رهانات على انتفاضة “التيار”
استنادًا إلى ما تقدّم، لا يجد المحسوبون على “التيار” مانعًا في الحديث عن “انتفاضة” أطلقها “التيار” في الأيام الأخيرة في موضوع النازحين السوريين، وإن كانوا يفضّلون القول إنّه “فعّلها” بناء على الموقف الشعبيّ المستجدّ من القضية، التي يتصدّى لها عمليًا منذ العام 2011، مشيرين إلى أنّ المطلوب الآن أن “تعمَّم” هذه الانتفاضة على سائر الأطراف والقوى السياسية، التي بات واضحًا أنّها “تتقاطع” على الموقف نفسه، من ملفّ “يؤرق” كلّ اللبنانيين دون استثناء.
يشدّد المحسوبون على “التيار” على أنّ هذا الأمر بات ملموسًا بشكل أو بآخر، وقد ظهر بوضوح مثلاً خلال اللقاء الذي جمع وفدًا من تكتل “لبنان القوي” برئيس مجلس النواب نبيه بري، كما يظهر في مواقف سائر الأطراف، ومنهم من يُعَدّون “خصومًا للتيار”، لكنهم يتلاقون معه على اعتبار النزوح “مؤامرة وجودية”، علمًا أنّ الحكومة التي يهاجمها “التيار”، لم تعبّر يومًا عن موقف مخالف، بل تدعو باستمرار لوجوب مقاربة الأمر بجدية ومسؤولية.
وإذا كان “التيار” يراهن على موقف ما في جلسة 15 أيار النيابية، يمكن أن يشكّل “حصنًا للبنان” إذا ما تمّت بلورته بناء على المصلحة العامة أولاً وأخيرًا، فإن العارفين يستبعدون أن تفضي “انتفاضته المستجدّة” إلى أيّ مكان، طالما أنّ المواقف من الاستحقاقات الداهمة “تراوح مكانها”، ولا سيما أنّ المطلوب في المقام الأول “الإفراج” عن استحقاق الرئاسة، الذي يبدو أنّه لم يعد يشكّل “أولوية” لا لـ”التيار” ولا لغيره من القوى السياسية.
على أهمية ملف النزوح السوري، وضرورة التوصّل إلى موقف لبناني قوي وموحّد، يمكن أن تتلقّفه الأسرة الدولية، يشدّد العارفون على أنّ ما بات واضحًا أنّ انتخاب رئيس للجمهورية يبقى “النواة” التي ما عاد جائزًا القفز فوقها. فكما أنّ وجود الرئيس ضروري لمواكبة “ترتيبات” ما يسمّى بـ”اليوم التالي” لحروب المنطقة، فهو أكثر من أساسيّ إذا ما توافرت الإرادة لحلّ معضلة النزوح السوري، مع ما يتطلبه ذلك من تنسيق مع المجتمع الدولي!
اترك ردك