العودة إلى المدارس.. راحة وشوق في قلب الأم

مع بدء العام الدراسي، يعود البيت إلى هدوء غريب بعد أشهر من الضجيج والفوضى الجميلة. الأم تودّع أطفالها عند باب المدرسة، وتخفي دمعة صغيرة خلف ابتسامة مشجعة، وهي تراهم يخطون خطواتهم نحو مغامرتهم الجديدة.

 

في تلك اللحظة، تشعر الأم براحة غير مألوفة: صار لديها وقت لنفسها، لتحتسي فنجان القهوة بلا مقاطعة، لترتّب البيت على راحتها، لتتنفس قليلاً بعد شهور من الصخب المستمر. أحيانًا، هذا الهدوء يجعلها تبتسم وتتأمل في خطط كانت مؤجلة، أو مشاريع صغيرة تحلم أن تبدأها لنفسها.

 

لكن في الوقت نفسه، يبدأ الشوق يدقّ على قلبها: ضحكاتهم العالية، صراخهم الغريب، أسئلتهم المستمرة، حتى بعثراتهم في أرجاء البيت صارت لها معنى وذكريات. كل زاوية، كل لعبة ملقاة على الأرض، كل تفصيل منسي هنا وهناك، تذكّرها باللحظات الصغيرة التي عاشت فيها مع أطفالها خلال الصيف، وتجعل قلبها يحنّ إليهم.

 

العودة إلى المدارس ليست بداية سنة جديدة للأطفال فحسب، بل هي فصل جديد للأم أيضًا. فصل فيه مساحة لها، لكنه مليء بالمشاعر المتناقضة: بين الفرح بالاستقلال المؤقت وبين الحنين المستمر لأصوات صغارها. وهي تدرك أن هذا الفراغ الذي يملأ البيت، لن يكتمل إلا بضحكاتهم عند عودتهم بعد الظهر، ومع كل قصة جديدة وحركة عفوية، تطير فرحًا لسماعها.

 

وفي كل صباح، بينما تبتعد الأم عن أبواب المدرسة، تمر على قلبها لحظات مختلطة من القلق والحب والاعتزاز. تتمنى أن يتعلم أطفالها، أن ينموا ويكتسبوا مهارات جديدة، لكنها تتمنى في الوقت نفسه أن يظلوا صغارًا، يلعبون ويضحكون بعيدين عن هموم الحياة.

 

هذا التوازن بين الحرية المؤقتة والعاطفة يجعل كل يوم مدرسي رحلة للأم أيضًا، رحلة لإعادة اكتشاف نفسها ولتقدير اللحظات الصغيرة التي كانت تعيشها معهم.

وهكذا تصبح أيام المدرسة بالنسبة للأم مزيجًا من الراحة والاشتياق، من الحرية المؤقتة والقلب الموجود دائمًا مع أولادها، وتتجدد المشاعر مع كل صباح جديد، وخيط رفيع فقط يربط بين غيابهم وحضورهم في كل لحظة، لتكون العودة إلى المدرسة تجربة ممتعة ومعقدة في الوقت ذاته، تخلط بين الاستقلال والشوق لوجود أولادها.

المصدر:
“لبنان 24”