يوسي بن آري، الجنرال الإسرائيلي المتقاعد من مجتمع الاستخبارات بعد عمل دام خمسين عاما، أكد أنه “رغم حيازة الاحتلال اليوم لمعلومات استخباراتية ممتازة، أفضل بكثير مما كانت لديه في عام 1973، لكن من الخطأ الاعتقاد أنها تعطينا الصورة الكاملة”، وأضاف: “صحيح أننا نعرف الكثير عن أعدائنا، لكننا لن نعرف كل شيء أبدا، والأخطاء المتعلقة بنواياهم في تحركات معينة، سبق أن شهدناها، مما يستدعي الحذر في التحليل، والتشكيك، والانتباه لاختلاف الآراء، مما سيقلل من فرصة القيام بالوقوع في خطأ استراتيجي، لكنه لن يلغي هذا الاحتمال”.
وأضاف في مقال نشره موقع “زمن إسرائيل” الإسرائيلي، أن “الروح البشرية عرضة دائما لارتكاب الأخطاء، المشكلة الأمنية الإسرائيلية ليست في المعرفة، بل في ترجمة المعلومات التي لديها إلى فهم وعمل”، وقال: “أزعم أننا عرفنا في عام 1973 كل شيء، لكن كانت المشكلة هي الفهم والرؤى، ويمكننا أن نسقط في هذا حتى اليوم في تشرين الأول 2023، لكن أهم ما يمكن القيام به كي لا نتفاجأ هو الاهتمام بالآراء الشاذة، والاستماع للآراء الأخرى، وقد علمنا العمل في الأجهزة الاستخباراتية أهمية إلقاء الشك، والتعلم أن نكون متواضعين، بعيدا عن تفكير القطيع، الذي يحاولون التعامل معه”.
وأشار إلى أن “مهمة ضابط الأمن رفيع المستوى أن يغلق الباب، وإخبار رئيس الوزراء على مرأى من جميع الوزراء بما يعتقده، حتى لو كان مخالفا لرأيه بمقدار مائة وثمانين درجة، الأمر ليس سهلا، لأن البيئة لا تحب الآراء غير العادية، القادة لا يحبون أن تتم مقاطعتهم، لكن هذا واجب إقناع أصحاب القرار، وعادة ما أوصت لجان التحقيق الإسرائيلية بالإخفاقات الأمنية والعسكرية أن يطرق رجال الأمن والاستخبارات الطاولة أمام رئيس الوزراء، لأنه لا يكفي الأخير أن يرى ما يؤمن به فقط، يجب أن يتأكد أن كل من حوله يؤمنون بما يؤمن به هو”.
وأوضح أنه “إذا كان رجل الاستخبارات الإسرائيلية يعتقد أنه ستكون حربا، فعلى الفور يجب عليه أن يذهب لقائده، ثم قائد الجيش، وإذا لم يقبل، يذهب لرئيس مجلس الأمن القومي، وإن رفض، عليه الذهاب لرئيس الوزراء، كتابيًا أو شفهيًا، لأن الكثير من هؤلاء لم يفعل ذلك في عام 1973، مما كان يستدعي القيام بذلك قبل مفاجأة 2023، كجزء من استيعاب الدروس المستفادة، وإلا فإننا سنعيد اختراع العجلة في كل مرة، وإذا بقيت الدولة تنزف بسبب تلك الحرب خمسين عاما، فلا أحد يعلم كم ستبقى تنزف بعد حرب 2023، ولا أحد يدرك كم سيستغرق من الوقت حتى تلتئم جروحه من هذا الإخفاق والكارثة”.
وتكشف هذه القراءة الاستراتيجية لما تعتبرها إسرائيل “كارثة تشرين الأول”، أن المفاجآت الاستخبارية التي حدثت مرات عديدة في الماضي، من المحتمل أن تحصل أيضا في المستقبل على غرار تشرين الأول 2023، لأن التنبؤ بمثل هذه التطورات الاستراتيجية، خاصة التحذير من حدوث مفاجأة شديدة الخطورة، هو الواجب الأول لجميع هيئات مجتمع الاستخبارات. (عربي21)
اترك ردك