تقرير لـ”Foreign Affairs”: كيف يمكن اقناع بوتين بأنه سيخسر؟

ذكرت مجلة “Foreign Affairs” الأميركية أن “فكرتين تهيمنان على المناقشات بشأن كيفية تقريب الحرب في أوكرانيا من نهايتها.يتعين على الغرب إما أن يضغط على أوكرانيا لحملها على تقديم تنازلات لروسيا أو أن يدعم جهود أوكرانيا لتحقيق النصر في ساحة المعركة. ولكن في الواقع، من غير المرجح أن يؤدي أي من النهجين إلى إنهاء الحرب. إن حجب الأسلحة عن أوكرانيا قد يجبرها في النهاية على تقديم تنازلات لروسيا كجزء من محاولة يائسة لإنهاء الحرب، لكن أنصار هذا النهج يتجاهلون كيف سيؤثر ذلك أيضًا على أهداف روسيا في الحرب. عندها، ستقوم موسكو بمضاعفة مطالبها الأكثر تطرفاً، وهي تحقيق المزيد من المكاسب الإقليمية في أماكن مثل خاركيف وأوديسا، وتغيير النظام، ونزع السلاح، وغيرها. إن أي استعداد في كييف لتقديم تنازلات سوف تقابله أهداف الحرب الموسعة الجديدة لموسكو، وستكون النتيجة مكاسب روسية في ساحة المعركة، وليس السلام”.

وبحسب المجلة، “على نحو مماثل، ورغم ضرورة الاحتفال بموافقة الكونغرس الأميركي المتأخرة على تخصيص 61 مليار دولار من المساعدات لأوكرانيا، فمن المرجح أن يؤدي ذلك إلى زيادة مساحة الأراضي التي تسيطر عليها أوكرانيا بعد عام من الآن بدلاً من إنهاء الحرب. وحتى في أفضل السيناريوهات، حيث يؤدي الهجوم المضاد الأوكراني إلى تحرير مناطق واسعة، فمن المرجح أن تستمر روسيا في القتال. إن توفير الدعم الكافي لأوكرانيا لهزيمة الهجمات الروسية المستمرة أمر ضروري، لكنه لن ينهي الحرب”.
ورأت المجلة أنه “لإنهاء الحرب بشروط مقبولة، هناك حاجة إلى المزيد. لا ينبغي للاستراتيجية الغربية أن تعتمد فقط على تحديد حاجة أوكرانيا الفورية إلى الأسلحة. إن التركيز على الحاضر أمر مفهوم في حين تحارب أوكرانيا لصد القوات الروسية على جبهات متعددة، لكنه لن يكون كافيا أبدا. وإذا تصور قادة روسيا أنهم سينتصرون في النهاية، فسوف يستمرون في القتال. ويتطلب تغيير هذه الحسابات القيام باستثمارات لتوسيع تصنيع الأسلحة والذخائر التي تكون كبيرة بما يكفي لإقناع موسكو بأن الغرب سوف يفوق إنتاج روسيا في السنوات المقبلة. والهدف هو جعل القادة الروس يخشون حربا طويلة”.
وبحسب المجلة، “إن المفتاح لإنهاء الحرب هو تغيير توقعات موسكو حول الكيفية التي ستسير بها جهودها الحربية بعد ثلاث أو خمس أو حتى ثماني سنوات من الآن. إن التأثير على التصورات الموجودة في أذهان القادة الروس يجب أن يكون الهدف الأساسي للاستراتيجية الغربية. ورغم عدم وجود علاج سحري قادر على تحويل هذه التوقعات على الفور، فمن الممكن القيام بالمزيد للبدء في تقويض التفاؤل الروسي. وتتطلب صياغة مثل هذه الاستراتيجية فهم السبب وراء استمرار القادة الروس في توقع النصر حتى من خلال الانتكاسات الخطيرة في ساحة المعركة في عامي 2022 و2023. وتعتقد موسكو أنها قادرة على الصمود أكثر من استعداد أوكرانيا للقتال، أو على الأرجح استعداد الغرب لدعم المجهود الحربي في أوكرانيا”.
وتابعت المجلة، “في حالة أوكرانيا، فإن الغرب لديه كل الأسباب التي قد تجعله يعلن أنه سوف يدعم كييف مهما تطلب الأمر، والقادة الروس يدركون هذه الحقيقة. إن التغلب على هذه المشكلة يتطلب إرسال إشارات مكلفة إلى الحد الذي يجعل الغرب وحده هو القادر على إرسالها، وهناك ثلاث طرق أساسية لإرسال مثل هذه الإشارات. أولا، يستطيع زعماء الغرب تعزيز التزامهم تجاه أوكرانيا من خلال زيادة التكاليف التي قد يتكبدونها نتيجة لهزيمة أوكرانيا، وبالتالي تعزيز دوافعهم لتجنب تلك النتيجة. ثانياً، يستطيع زعماء الغرب أن يشيروا إلى عزمهم على الاستمرار في تسليح أوكرانيا.ثالثاً، يتعين على الغرب أن يركز بشكل أكبر على العزيمة”.
ورأت المجلة أنه “لإعادة تشكيل التصورات الروسية وإحضار موسكو إلى طاولة المفاوضات، يجب على الولايات المتحدة وأوروبا الاستثمار بشكل واضح وعلني في تصنيع الأسلحة والذخائر للتحضير لحرب قد تستمر لسنوات عديدة أخرى. ومن شأن هذه الاستثمارات أن تعالج خللاً خطيرًا في الاستراتيجية الغربية حتى الآن وهو تقييم القرارات حول كيفية دعم أوكرانيا من حيث تلبية متطلبات ساحة المعركة الحالية. إن مجرد الاستثمار في تصنيع الأسلحة له أهمية أكبر بكثير من التأثيرات الناتجة في ساحة المعركة. إن مثل هذه الاستثمارات تمثل إشارة قوية إلى بقاء الغرب في السلطة، وإرسال الإشارة الصحيحة يمكن أن يؤدي إلى تقصير مدة الحرب. وما قد يبدو للوهلة الأولى وكأنه قدرة فائضة هو في واقع الأمر أمر ضروري لتغيير التوقعات الروسية بشأن حرب طويلة”.
وبحسب المجلة، “لكن حتى هذه الاستثمارات لن تكون كافية إذا تصورت روسيا أن زعماء جدداً سيأتون إلى السلطة في الغرب ويتخلون عن أوكرانيا. إن التعامل مع التصورات الروسية للسياسة الداخلية الغربية لا يقل أهمية عن تلبية توقعات موسكو بشأن إنتاج الأسلحة والذخائر”.
وتابعت المجلة، “إن الحروب تخاض عندما يختلف الجانبان حول من سينتصر، ولا تصبح الدبلوماسية لإنهاء هذه الحروب ممكنة إلا بعد تقارب هذه التوقعات. إن تقويض الأسباب التي تجعل القادة الروس يعتقدون أنهم سيفوزون في نهاية المطاف يشكل أهمية بالغة لحملهم على قبول السلام الذي لا يروق لهم. ولهذا السبب فإن الاستعداد لحرب طويلة في أوكرانيا يشكل المفتاح إلى تجنبها. وفي غياب الأحداث الكارثية على أرض المعركة، فإن الحرب ستنتهي على طاولة المفاوضات. ولأن موسكو وكييف لا يبدوان على استعداد للتنازل عن الأراضي التي تطالب بها الدولتان، فمن المرجح أن تنتهي الحرب بوقف إطلاق النار، وهي هدنة يمكن أن تنهار بسرعة أو تستمر لسنوات عديدة”.
وختمت المجلة، “لن يتسنى لأوكرانيا أن تفوز إلا عندما يشعر القادة الروس بالقلق إزاء الكيفية التي قد تتطور بها الحرب في الأعوام المقبلة. لذلك، يتعين على الغرب أن يستثمر في إنتاج ما يكفي من الأسلحة والذخائر لزرع هذا الخوف في موسكو”.