“حزب الله” يوازن خطواته: الصدام الداخلي مؤجل

في أعقاب قرار الحكومة إقرار ورقة المبعوث الأميركي توم براك، يبدو أن “حزب الله” اختار التعامل مع المستجدات بمنطق تقطيع الوقت، بدل الذهاب إلى مواجهة مباشرة.


 فرغم تحفظه الواضح على مضمون الورقة ومآلاتها، إلا أن “الحزب” لا يظهر حماسة لأي تصعيد فعلي في هذه المرحلة، بل يفضل الإبقاء على التلويح بقوته الشعبية والشارعية كرسالة ردع غير مباشرة، من دون أن يخطو خطوة نحو ترجمتها في الشارع بشكل رسمي.

هذا النهج لا يعني أن “حزب الله” في موقع المهادنة أو التراجع، بل هو أقرب إلى الحسابات الباردة، حيث يدرك أن المرحلة الجديدة التي دخلها لبنان، بعد تمرير الورقة الحكومية، تفرض عليه إعادة ترتيب أولوياته. فالحزب، وفق مصادر مطلعة، يعتبر أن الاشتباك الأمني مع السلطة لم يعد مجرد احتمال، بل قد يتحوّل إلى خيار لا مفر منه، إلا أنه لا يريد أن يكون هو البادئ، مفضلًا تأجيل المواجهة إلى توقيت أنسب، قد تفرضه تطورات داخلية أو إقليمية.

يقرأ الحزب المرحلة من زاوية أن المناخ السياسي الداخلي لم يعد يسمح له بالمناورة كما في السابق، خاصة مع تراجع غطاء بعض الحلفاء التقليديين، وازدياد الضغط الشعبي والسياسي عليه.
من هنا، فإن سياسته الحالية قائمة على امتصاص الصدمة، وعدم إعطاء خصومه فرصة اتهامه بعرقلة الحلول أو تفجير الوضع.
لكن في العمق، يدرك “حزب الله”أن أزمة كبرى تلوح في الأفق، وأنه سيكون في صلبها. فالمسار المتبع حاليًا من قبل الحكومة مدعومًا من قوى خارجية، يستهدف بشكل مباشر موقع “الحزب” ودوره. ولذلك، فإنه يتحضّر بشكل هادئ ومنظّم للمرحلة المقبلة، ويراهن على تعبئة القاعدة الشعبية وتعزيز الجهوزية قبل وقوع الانفجار المحتمل.
“الحزب”لا ينكر في دوائره الداخلية أن المواجهة قادمة، لكنه لا يرى أن أوانها قد حان بعد. وحتى ذلك الحين، سيواصل الإمساك بالعصا من الوسط، محاولًا التوفيق بين الردع والتريث، وبين التصعيد المؤجل والانخراط المرحلي، مع الإبقاء على كل الخيارات مفتوحة.

 

المصدر:
خاص لبنان24