الوضع الحالي يفتح الباب أمام أكثر من سيناريو محتمل. أول هذه السيناريوهات أن يتواصل التصعيد لفترة طويلة، ما سيُنهك قوات النظام ويستنزفها على جبهة السويداء، الأمر الذي قد يدفع مجموعات كردية في الشمال أو مجموعات أخرى في مناطق علوية إلى التحرك عسكريًا لاستغلال هذا الانشغال. في حال تحقّق هذا الاحتمال، فإن سوريا قد تدخل في نموذج مشابه للنموذج الليبي أو السوداني، حيث تنهار المركزية السياسية وتتفكك الدولة إلى مناطق نفوذ مسلّحة متنازعة، ما يجعل السيطرة مستحيلة والحرب ممتدة.
السيناريو الثاني لا يقل خطورة، ويتمثل في احتمال تدخل إسرائيلي مباشر بحجة حماية المكوّن الدرزي في السويداء. مثل هذا التدخل، إن حصل، قد يأخذ شكل دخول بري محدود أو إقامة نقاط تمركز داخل الأراضي السورية، وهو ما سيُعتبر احتلالًا مباشرًا لن تتقبله دمشق بأي شكل، وسيؤدي حتمًا إلى اشتباك عسكري مباشر بين القوات السورية وقوات إســرائيل، مع ما يحمله ذلك من تداعيات إقليمية واسعة.
أما السيناريو الثالث، فيقوم على حسم الدولة السورية للمواجهة بشكل سريع، سواء عبر القوة أو التفاوض، ثم التوجّه نحو اتفاق ما مع إسـرائيل، علنيًا أو ضمنيًا، يضمن لها السيطرة على جزء كبير من الأراضي السورية، في مقابل تفاهمات أمنية أو سياسية. هذا الاحتمال قد يبدو مغريًا للنظام من ناحية استعادة السيطرة، لكنه يحمل في طياته خطرًا كبيرًا على استقرار الجبهة الداخلية، خصوصًا إذا وُضع في خانة التطبيع أو التخلي عن المواقف التقليدية.
ما يجري في السويداء يتجاوز كونه نزاعًا محليًا، ويكشف عن مرحلة جديدة من الصراع السوري، قد تُعيد رسم خريطة النفوذ داخل البلاد، وتُدخِل أطرافًا إقليمية في مواجهات مفتوحة داخل الأراضي السورية.
اترك ردك