ما الذي يحفّز إسرائيل ضد إيران في سوريا؟

شنت إسرائيل واحدة من أكثر هجماتها دموية في سوريا في 29 آذار، حيث ضربت منشأة في جنوب حلب، مما أدى إلى مقتل أربعين شخصاً. وبعد ثلاثة أيام، وفي خطوة غير تقليدية، قصفت السفارة الإيرانية في دمشق، مما أسفر عن مقتل سبعة ضباط عسكريين، من بينهم ثلاثة من كبار القادة، وفقاً للحكومة الإيرانية.

 


ووفق أرمان محموديان، مرشح للدكتوراة في السياسة والشؤون الدولية في جامعة جنوب فلوريدا وأستاذ مساعد في كلية جودي جينشافت الشرفية بجامعة جنوب فلوريدا، فإن ثمة سؤالاً يفرض نفسه مفاده: لماذا تخاطر إسرائيل بفتح جبهة جديدة في حين أن حملتها العسكرية في غزة لم تنته بعد. ورغم أن هذا السلوك قد يبدو غير محسوب، فإن منطق إسرائيل مفهوم تماماً لأسباب مختلفة.

 

 

وأوضح الكاتب في مقاله بموقع “ناشونال إنترست”: أولاً، من الضروري أن ندرك أن أحد الأسباب الرئيسية التي جعلت إسرائيل تفاجأ بهجمات حماس هو تحويل انتباهها إلى جبهات أخرى.

 

 

وفي وقت لاحق، أصبحت المخاوف الإسرائيلية من أن الحرب في غزة قد توفر لإيران ومجموعة واسعة من وكلائها فرصة لتعزيز وجودها في سوريا بعيدة عن الواقع. بعد وقت قصير من بداية الحرب بين إسرائيل وحماس، أشارت العديد من المصادر إلى أن إيران كانت تخطط لتعزيز الدفاع الجوي السوري من خلال نشر نظام خورداد-15، وهو نظام صاروخي متقدم للدفاع الجوي على ارتفاعات متوسطة إلى عالية.

ويمكن لهذا النظام، الذي يشبه إلى حد ما نظام باتريوت التابع للجيش الأميركي، الاشتباك مع ما يصل إلى ستة أهداف بحجم طائرة مقاتلة في وقت واحد من مدى يصل إلى 120 كيلومتراً. يمكن أن تكون مثل هذه التطورات مثيرة للقلق للغاية بالنسبة لإسرائيل، حيث أشارت التقارير في الوقت نفسه إلى أن شركة Wagner PMC الروسية كانت تخطط لتسليم نظام بانتسير، وهو نظام دفاعي، إلى حزب الله. إن الجمع بين أنظمة الدفاع خورداد-15 وبانتسير يمكن أن يشكل تحديات خطيرة للقوات الجوية الإسرائيلية.

 

 

ثانياً، على غرار المخاوف بشأن الحشد العسكري في سوريا، يجب أن يشعر الجيش الإسرائيلي بالقلق بشأن توسيع الإمدادات العسكرية من إيران إلى حزب الله. وذكر مسؤولون إسرائيليون أنه، منذ بداية الصراع بين إسرائيل وحماس، زادت إيران جهودها لتوصيل أنظمة الدفاع الجوي، مثل الطائرات بدون طيار شاهد-101 وشاهد-136، وصواريخ أبابيل الصغيرة إلى حزب الله.

 

 

وقبل ذلك أفادت وكالة تسنيم الإخبارية التابعة للحرس الثوري الإيراني ومقرها طهران أن حزب الله قد تم تجهيزه بصواريخ ألماس الإيرانية المتقدمة المضادة للدبابات.

 

 

وبالنظر إلى أن سوريا هي الجسر البري لإيران إلى لبنان، فمن خلال زيادة الضغط العسكري على إيران في سوريا، قد يهدف الجيش الإسرائيلي إلى تعطيل عمليات نقل الأسلحة هذه إلى حزب الله.

 

 

عمق المخاوف الإسرائيلية

 

 

ولكي نفهم عمق المخاوف الإسرائيلية إزاء المزيد من تسليح حزب الله، أوضح الكاتب أنه يتعين علينا أن نأخذ في الاعتبار التأثير الذي تخلفه الهجمات التي تشنها حماس، والتي هي أضعف كثيراً من حزب الله. وتم إجلاء الآلاف من السكان الإسرائيليين في شمال البلاد، بالقرب من الحدود مع لبنان، بعد رؤيتهم للدمار الذي لحق بالمستوطنات الجنوبية.

 

 

وأدى هذا الرحيل الجماعي إلى تحويل أماكن مثل كريات شمونة إلى مدن أشباح افتراضية. فرض هذا التطور مستوى شديداً من الضغط السياسي والمالي على إسرائيل، مما لم يترك للجيش الإسرائيلي أي خيار سوى اتخاذ إجراءات وقائية صارمة، بما في ذلك مهاجمة إيران وحزب الله. وتشير هذه الإجراءات للجمهور المحلي والأجنبي إلى أن الشمال لم يُترك دون حماية، مما يضمن استمرار وجود يقظ ورقابة في المنطقة.

وبرأي الكاتب قد يكون السبب الأخير وراء الحملة العسكرية المكثفة ضد إيران هو رهان إسرائيل على احتمال عدم الرد الإيراني. فقد قصفت إسرائيل مواقع إيران في سوريا أكثر من 200 مرة، دون أي رد إيراني.

 

وأنفقت إيران في سوريا ما بين 20 إلى 30 مليار دولار وخسرت أكثر من 2000 جندي.

 

 

وربما تشعر إيران بالقلق من أن يؤدي أي تصعيد كبير مع إسرائيل إلى تغيير ديناميكيات الحرب في غزة، التي تصب في صالح إيران حالياً. ورغم أن هذه الحرب تتسبب بمستوى لا يطاق من المعاناة بين المدنيين، فإن قدرة حماس العسكرية ما زالت تؤدي وظيفتها، حيث احتفظت بثلثي قدرتها التي كانت عليها قبل الحرب.

 

بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن فريق القيادة الأساسي لحماس، بما في ذلك يحيى السنوار ومحمد ضيف، وفريقهم الذي يتخذ من الدوحة مقراً له، لا يزال يؤدي وظيفته. واتخذت الولايات المتحدة مؤخرا قراراً بعدم استخدام حق النقض ضد قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي يطالب بالسلام.

إيران تتجنب التصعيد

 

 

وهذا قد يشجع إيران و”محور المقاومة” التابع لها على الاعتقاد بأن الضغط المتزايد على إسرائيل قد يجبر الجيش الإسرائيلي على وقف عملياته دون تحقيق هدفه المتمثل في تفكيك حماس. ولذا قد تتجنب إيران تصعيد التوترات مع إسرائيل، حيث أن المزيد من التصعيد يمكن أن يحول الوضع لصالح إسرائيل.

 

ومع ذلك، يقول الكاتب: قد يجادل المرء بأنه في حين تبدو طهران ملتزمة بمبدأ الصبر الاستراتيجي، فإن لدى الحكومة الثورية قلقاً آخر: تأمين مصداقيتها المحلية، والتي يمكن أن يؤدي العدد المتزايد من الهجمات الإسرائيلية إلى تآكلها.

 

وفي هذا السياق، قد تستخدم إيران إجراءات انتقامية غير مباشرة من خلال جعل وكلائها يستهدفون السفارات والموظفين الإسرائيليين في جميع أنحاء العالم، والقيام بهجمات إلكترونية، ومهاجمة السفن التجارية الإسرائيلية في البحر الأحمر، وما إلى ذلك.

وعند الذهاب إلى أي من هذه الخيارات، يرى الكاتب أنه يتعين على طهران أن تدرس بعناية رد فعل إسرائيل وكيفية الرد، مما يشكل معضلة لن يتم الكشف عن نتائجها إلا في الوقت المناسب. (موقع 24)