“معزولة في الخارج ومنقسمة في الداخل”.. الـ”The Guardian”: رفح تشكل خياراً صارخاً بالنسبة لإسرائيل

رأت صحيفة “The Guardian” البريطانية أن “إسرائيل أنهت أشهراً من التكهنات المرعبة عندما توغلت دباباتها في معبر رفح بين غزة ومصر. وبحلول الصباح، كان الجيش قد سيطر على المعبر، وبدأت العملية بالقرب من مدينة رفح. تبدو هذه الخطوة غير حكيمة. وحذر حلفاء إسرائيل من أن الهجوم على رفح سيجلب كارثة جديدة لأكثر من مليون فلسطيني لجأوا هناك. من جانبه، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن يوم الأربعاء أنه سيقطع إمدادات الأسلحة اللازمة لهجوم كامل، وهو ما يمثل أكبر تهديد أميركي لمصلحة إسرائيل منذ عقود. في حين تزعم إسرائيل أنها يجب أن تدخل رفح لتدمير أربع كتائب تابعة لحماس هناك، فإن حتى الخبراء الإسرائيليين يشككون في أن العملية ستغير قواعد اللعبة: يمكن أن تكون “تكتيكية في أحسن الأحوال”، وفقا لشخصية سابقة في الموساد، وبمجرد أن تنتهي، ستتسلل حماس مرة أخرى كما فعلت في أجزاء أخرى من غزة”.

 

وبحسب الصحيفة، “لماذا إذن سارعت حكومة إسرائيل في اجتياح رفح؟ من جانبه، أصر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مراراً وتكراراً على أن الهجوم على رفح ضروري لتحقيق “النصر الكامل”، ومن المفترض أن يعني هذا المصطلح المراوغ تدمير قدرات حماس العسكرية وإعادة الرهائن الإسرائيليين الذين تحتجزهم حماس.ولكن إذا اختارت إسرائيل هذا المسار، فيتعين عليها أن تعترف بما تعنيه استراتيجية “النصر الشامل” حتى الآن على أرض الواقع.حتى الآن، لم تؤدِ مواصلة الحكومة للحرب إلى تدمير حماس. إن تقييم الجيش الإسرائيلي بأنه قتل ما بين 10000 إلى 14000 مقاتل يعتبر مبالغاً فيه على نطاق واسع، كما ولا تزال حماس تسيطر على مصير الرهائن الذين تتدهور حالتهم ويموتون في الأسر”.

 

وتابعت الصحيفة، “لقد أدت سياسة “النصر الكامل” التي تنتهجها الحكومة إلى عزلة عالمية هي الأكثر أهمية في تاريخ إسرائيل. وقبل إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن، أعلنت كندا وإيطاليا وقف صادرات الأسلحة الجديدة إلى إسرائيل، كما وقطعت كولومبيا علاقاتها الدبلوماسية، وأعلنت تركيا فرض حظر تجاري عليها.وتواجه إسرائيل اتهامات بالإبادة الجماعية في محكمة العدل الدولية، ويلوح في الأفق شبح أوامر الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية. وفي الداخل، لا يزال أكثر من 100 ألف إسرائيلي مشردين. لذلك، ربما كان هدف تدمير حماس باعتباره تهديداً عسكرياً للمدنيين الإسرائيليين وللأراضي السيادية مبرراً في حد ذاته، لكن الحكومة لم تثبت بعد قدرتها على تحقيق هذا الهدف. وفي الواقع، إن الأدلة تشير إلى الفشل”.

 

وأضافت الصحيفة، “هناك طريق بديل، ففي الأسبوع الماضي، بدا مرة أخرى أن اتفاق الرهائن ووقف إطلاق النار أصبح في متناول اليد. لكن المحادثات انهارت، في الأغلب بسبب مطلب حماس الثابت بإنهاء كامل للحرب. لا يوجد شيء سهل في هذا الطريق.بالنسبة لإسرائيل، فإن التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب سوف ينقذ أولاً حياة الرهائن المتبقين. وعلى الصعيد الدولي، فإن إنهاء الحرب من شأنه أن ينقذ علاقة إسرائيل مع أقرب حلفائها، الولايات المتحدة.ومن البديهي أن يؤدي إنهاء القتال في غزة إلى تقليص التهديد بالتصعيد مع حزب الله في الشمال، وهو الاحتمال البالغ الخطورة”.
وبحسب الصحيفة، “إن إنهاء الحرب سيتطلب أيضاً من إسرائيل أن تضع خططاً واقعية لليوم التالي لغزة، بالتعاون مع مجموعة من الحلفاء الغربيين والعرب. وقد يشمل هذا اتفاق التطبيع السعودي الكبير الذي تسعى الولايات المتحدة إلى دفعه، وترتيب متعدد الأطراف أكثر استدامة لإحداث تحول حقيقي في نموذج العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية، بما في ذلك الاستقلال وتقرير المصير للفلسطينيين. والحقيقة القاسية هي أنه بالنسبة لمعظم الإسرائيليين في الوقت الحالي، أصبحت حياة الفلسطينيين مجرد فكرة لاحقة، لكن الحقيقة الدقيقة هي أن مصائرهم متشابكة”.

 

وتابعت الصحيفة، “ربما يستوعب الإسرائيليون السيناريوهات القاتمة المقبلة. وقد توصلت دراسة استقصائية حديثة أجراها معهد سياسة الشعب اليهودي إلى انخفاض غير عادي في نسبة اليهود الإسرائيليين المتأكدين من تحقيق النصر من 74% في تشرين الأول إلى 38% فقط في أيار. كما وأن أكثر من 40% من الإسرائيليين الآن غير متأكدين من قدرة إسرائيل على الفوز. ولكن ربما يشعر البعض بالقلق بشأن التكلفة، إذا حدث ذلك. وبوسع إسرائيل أن تختار طريقاً مختلفاً: إنقاذ الرهائن، وإنقاذ حياة الفلسطينيين، وإنقاذ علاقات إسرائيل العالمية، وتجنب الانجرار إلى حرب أبدية لا مفر منها. إن الالتزام المهووس بالنصر الكامل هو الذي أصبح بمثابة الهزيمة الكاملة لإسرائيل”.