في عقيدته، يعتبر “حزب الله” أن السلاح أساس كيانه، فهو شعاره ويمثل علمه، كما أنَّ مسيرته ارتبطت بذاك السلاح منذ ثمانينات القرن الماضي ولغاية اليوم. أيضاً، بذاك السلاح، خاض “حزب الله” الحروب، وإثر اتفاق الطائف عام 1989، نجا سلاح “الحزب” وحده من “التجريد” بعدما كانت القوى الأخرى على موعدٍ مع تسليم لأسلحتها وحلّ ما عُرف بـ”الميليشيات” إبان انتهاء الحرب الأهلية.
ما قاله رئيس “القوات” لم يقف عند هذا الحد، فالأخيرُ مدّ يده لـ”الحزب”، مشيراً إلى أنه في حال سار الأخير بـ”خطة الحكومة”، عندها سيكون الجلوس قائماً مع الحزب لتصفية الحسابات. ولكن، هل هذه الإيجابية تُريح “حزب الله”؟ وما الذي يخشاه الأخير فعلياً؟
أول هاجسٍ لدى “حزب الله” يرتبطُ بمصيره الداخلي. هناك فكرة مزروعة لدى أنصاره ومؤيديه مفادُها أن “الآخر” في لبنان يريدُ الإنقضاض عليهم والتنكيل بهم.. الفكرة هذه “هوليوودية” بامتياز، فمسألة “التصفية” التي يروج لها جمهور “حزب الله” ليست مطروحة ولا حتى واردة في ذهن أي طرف. ولكن، ما حصل هو أن هذه الصورة زُرعت في عقول المؤيدين، وباتت عنواناً لتحركهم وانتفاضتهم، حتى ساروا باتجاه “ردة الفعل” المشروعة بالنسبة لهم وهي رفع سقف التهديد والتحذير من المساس بالسلاح، لأنه يمثل “قوتهم”.
أيضاً، ما يخشاه “حزب الله” هو تحوّله إلى صورة المُنهزم بعدما كان سابقاً في خانة المُنتصر. طيلة السنوات الماضية، تفاخر “حزب الله” بهزيمة إسرائيل وكسر شوكة “الجيش الذي لا يُقهر”. بسبب ذلك، يرى “الحزب” أنه من الصعب عليه القبول بقرار داخلي لبناني لتجريده سلاحه بسهولة.. المسألة غير واردة إطلاقاً، ولسان حال “الحزب” الآن: “نحنُ الذين قهرنا إسرائيل.. كيف سنتقبل خسارة وتسليماً واستسلاماً في الداخل؟”.. الأمرٌ ليس سهلاً أبداً ويفسره الحزب على أنه “هزيمة” تحتاجُ إلى مواجهة.
فعلياً، قد يحتاج “حزب الله” اليوم، وأكثر من أي وقتٍ مضى، إلى جولة قتالٍ جديدة من أجل يُثبت نفسه وجدارته في حماية لبنان، والقول للمسؤولين وللدولة: “ها أنا حزب الله.. هل رأيتم ماذا فعلت قتالياً بإسرائيل؟”.. ولكن، في المُقابل، هل هذه المسألة مضمونة؟ بمعنى آخر، هل بإمكان “حزب الله” أن يضمن نصراً جديداً على إسرائيل بعد الضربات الكثيرة التي تلقاها؟
كل هذه الأمور تجعله من هواجس “حزب الله” كبيرة، ولهذا السبب يبقى تسليم السلاح أمراً مُستبعداً بالنسبة له. في الواقع، لا يريد “الحزب” أن يكرر تجربة “الشيوعي” في الإقصاء، علماً أن ما أثر على الأخير بشكلٍ كبير هو انهيار الإتحاد السوفياتي في أواخر العام 1991. واليوم، إن انهار نظام إيران في ظل أي حرب قد تتجدد ضدها، قد يكون “حزب الله” أمام سيناريو “الشيوعي”.
وعليه، يبقى من الصعب جداً التكهن بما قد يحصل مع “حزب الله”، فلا الحوار محسوم ولا مسألة اندلاع حرب أيضاً.. كل السيناريوهات مطروحة، وإنَّ غداً لناظره قريب!
اترك ردك