تقرير لـ”The Spectator” يكشف: الوقت ينفد من بايدن في الشرق الأوسط

ذكرت صحيفة “The Spectator” البريطانية أن “فكرة التقارب السعودي – الإسرائيلي لم تكن واردة منذ وقت ليس ببعيد، ومع ذلك، قبل وقت قصير من هجمات 7 تشرين الأول، أصبحت هذه الفكرة واردة. وبعد أن اعترفت كل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين بسيادة إسرائيل، كان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يسعى إلى قيام المملكة بالخطوة عينها. والآن، يحاول الرئيس الأميركي جو بايدن يائسًا معرفة ما إذا كان بإمكانه تحريك الأمور مرة أخرى”.

وبحسب الصحيفة، “يزور جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، المملكة العربية السعودية هذا الأسبوع للقاء بن سلمان في محاولة أخيرة لإنقاذ خطة بايدن الكبرى للسلام في الشرق الأوسط. وفي الواقع، من غير المرجح أن ينجح، لكن طريقة الفشل يمكن أن تحدد كيفية سير المراحل التالية من الحرب بين إسرائيل وإيران ووكلائها الإقليميين. إن ملامح خطط إدارة بايدن معروفة جيداً، وهي أن توافق إسرائيل على جدول زمني لوقف إطلاق النار في غزة وتسمح للسلطة الفلسطينية بتولي السيطرة على القطاع المدمر، وأن تلتزم أيضاً بإجراء مفاوضات جادة بشأن إقامة دولة فلسطينية في غزة والضفة الغربية. أما في ما يتعلق بالمملكة العربية السعودية، فهي أن تقوم “بتطبيع” علاقتها غير الرسمية مع إسرائيل، وتوقيع اتفاقية تعاون استراتيجي مع الولايات المتحدة، مما يمنحها وصولاً غير مسبوق إلى الأسلحة الأميركية وحتى البرنامج النووي المدني”.
وتابعت الصحيفة، “بالنسبة لبايدن، سيكون هذا تتويجًا لإنجازاته السياسة الخارجية، ليس فقط لرئاسته، ولكن أيضًا لمسيرته العامة الطويلة: إنهاء الحرب في غزة، وحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وإنشاء شراكة أمنية صديقة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، بقيادة حليفتيها الرئيسيتين، إسرائيل والسعودية، لمواجهة إيران. ولكن هناك الكثير من العقبات التي تحول دون تحقيق رؤيته. ففي الواقع، لا يزال هدف إسرائيل المتمثل في تدمير القدرات العسكرية لحماس في غزة بعيد المنال بعد مرور ستة أشهر، كما واستبعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أي دور للسلطة الفلسطينية في غزة بمجرد هزيمة حماس، وليس من الواضح بأي حال من الأحوال أنه يمكن “تنشيط” السلطة في ظل الحكم المتصلب للرئيس محمود عباس البالغ من العمر 88 عامًا. وتم تشكيل حكومة جديدة هذا الأسبوع في رام الله برئاسة رئيس الوزراء الجديد محمد مصطفى، لكن الخبير الاقتصادي البالغ من العمر 69 عاماً والذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة ليس بالوجه الجديد الذي سيتحدى العقبات”.
وأضافت الصحيفة، “في حين أن السعوديين مهتمون بتحالف استراتيجي مع الولايات المتحدة، وربما يكونون، إلى جانب الإماراتيين، على استعداد لدفع فاتورة إعادة بناء أنقاض غزة، والتي يقدرها البنك الدولي بأنها تكلف ما لا يقل عن 18 مليار دولار، يبقى أن نرى مدى تصميمهم على مواجهة إيران التي سيبذل قادتها كل ما في وسعهم لعرقلة الخطة الأميركية. ويوم الاثنين، دمرت غارة جوية إسرائيلية القنصلية الإيرانية في دمشق، مما أسفر عن مقتل سبعة ضباط من الحرس الثوري الإسلامي، بمن فيهم الجنرال محمد رضا زاهدي، قائد قوة القدس في سوريا ولبنان. وكان زاهدي أيضًا الممثل الأكبر لحزب الله، أقوى وكيل لإيران، والذي يشن حربًا منخفضة الحدة مع إسرائيل منذ هجوم حماس”.
وبحسب الصحيفة، “كانت الضربة بمثابة تذكير بأن إسرائيل تخوض حربين على الأقل في وقت واحد. ورغم أن الحرب في غزة تهدف إلى إنهاء حكم حماس هناك، فإن الأهداف الإسرائيلية في الشمال ما زالت غير محددة. فحزب الله قوة أكبر بكثير، وعلى الرغم من أن الجيش الإسرائيلي أكثر قوة، لكن الحرب الشاملة مع حزب الله من شأنها أن تؤدي إلى أضرار جسيمة للمدن الإسرائيلية بسبب آلاف الصواريخ التي زودته بها إيران. ومن المنتظر أن يخسر حزب الله هيمنته في مثل هذه الحرب أيضاً، ولهذا السبب قامت إسرائيل بمخاطرة محسوبة باستهداف رعاة الحزب الإيرانيين على الأراضي السورية، مما أدى إلى إيصال رسالة مفادها أن إسرائيل عازمة على الحد من نفوذ الحزب على حدودها”.
وتابعت الصحيفة، “إن المؤسسات الأمنية والسياسية في إسرائيل منقسمة حول خطة بايدن. لم يخف نتنياهو رغبته في التوصل إلى اتفاق مع أغنى دولة عربية وأكثرها نفوذا، لكنه يرفض في الوقت الحاضر دفع الثمن الذي يطلبه السعوديون: دور للسلطة الفلسطينية في غزة والمفاوضات نحو حل الدولتين، وهذا ليس فقط بسبب مقاومته الشخصية لأي تنازلات، بل أيضا لأن شركاءه في الائتلاف اليميني المتطرف سيسقطون حكومته إذا وافق. أما الجناح العملي لائتلاف الطوارئ، أي الوزيرين بيني غانتس وغادي آيزنكوت، اللذين انضما إلى حكومة الحرب عندما بدأ الصراع، فأكثر انفتاحاً على الفكرة، رغم أنهما لم يعلنا ذلك علناً حتى الآن، وهما مدعومان من قبل العديد من رؤساء الأجهزة الأمنية أيضًا. ويقول أحد الجنرالات: “لدى إسرائيل فرصة للخروج من هذه الحرب بإطار إقليمي جديد تنضم إليه الأنظمة العربية الكبرى ضد إيران. لكن هذا لن يحدث إذا فوت السياسيون الفرصة”.”
وبحسب الصحيفة، “يمضي بايدن قدمًا على الرغم من معرفته بأن الفرص ضئيلة في الوقت الحالي. فهو يريد أن يُظهر لحزبه الديمقراطي المضطرب، والذي ينتقد بشكل متزايد دعمه لإسرائيل، أنه يحاول إنهاء الحرب. فإذا أعطى بن سلمان الضوء الأخضر، فقد يعرض بايدن الخطة علنًا، مما يترك نتنياهو أما خيارين إما الرفض أو القبول، على الرغم من أن هذا غير مرجح، كملاذ أخير لإنقاذ إرثه الملطخ على حساب ائتلافه. لكن قبل كل شيء، يحاول بايدن مرة أخرى لأنه يؤمن بخطته، تمامًا كما يعتقد أنه سيهزم دونالد ترامب في تشرين الثاني ويضمن فترة ولاية ثانية. بحلول ذلك الوقت، ستكون إسرائيل في حالة حرب منذ أكثر من عام، ويتوقع الكثيرون أن نتنياهو لن يتمكن من منع إجراء انتخابات مبكرة، والتي سيخسرها بشكل شبه مؤكد”.
وختمت الصحيفة، “الشيء الوحيد الذي يعرفه بايدن على وجه اليقين هو أنه في هذا الوقت من العام المقبل، سيظل بن سلمان، الذي لن يضطر إلى خوض انتخابات، مسؤولاً عن المملكة العربية السعودية، لذا فهو يحاول استمالته “.