الصدأ سبب اللون الأحمر
التفسير العلمي للون المريخ يعود إلى وجود أكسيد الحديد (الصدأ) الذي يغطي سطحه، فعندما تتفاعل المعادن الغنية بالحديد مع الأكسجين، تتكون طبقة من الصدأ تمنح سطح الكوكب ذلك اللون المائل إلى الحمرة، كما يحدث مع الدم في أجسامنا — حيث يمنحه الحديد والأكسجين لونه المعروف.
صور سطح المريخ: الواقع مختلف عن الشهرة
بعكس ما يعتقده الكثيرون، فإن الصور التي التقطتها المسابر الفضائية والمركبات الجوالة (مثل كيوريوسيتي وبيرسيفيرنس) كشفت أن سطح المريخ ليس أحمر فاقعًا كما يظهر في السماء.
الواقع أن معظم تضاريسه تبدو أقرب إلى اللون البني الترابي أو البني المحمر، مع درجات من الغبار المصفر والرملي. ولا تقف المفاجأة هنا، فالمناطق القطبية للمريخ بعيدة كل البعد عن اللون الأحمر؛ إذ تُغطى بـالجليد الأبيض الناتج عن تجمد الماء وثاني أكسيد الكربون.
الأقطاب البيضاء: تنفس موسمي للكوكب
الأقطاب المريخية تتأثر بتغير الفصول الشمسية. فخلال فترات معينة من السنة، تتمدد وتنكشف طبقات الجليد القطبي بفعل عملية التسامي (تحول الجليد مباشرة إلى غاز دون المرور بالحالة السائلة)، ثم تعود لتتجمد مجددًا مع تغير درجات الحرارة، في دورة موسمية مستمرة. هذه الظاهرة تُضفي مزيدًا من الديناميكية والتنوع على طبيعة الكوكب.
تكنولوجيا التصوير: بين الحقيقة والخداع البصري
من المهم الإشارة إلى أن الصور الملتقطة بواسطة التلسكوبات والمركبات الفضائية غالبًا ما تُظهر المريخ بألوان غير حقيقية، نتيجة اعتماد تقنيات التصوير بـ”الألوان الزائفة” (false color). هذه التقنية تُستخدم لتعزيز تفاصيل لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة، مثل توزيع المعادن أو درجة الحرارة، لكنها قد تؤدي إلى فهم مغلوط لطبيعة الكوكب.
الأشعة فوق البنفسجية وتحت الحمراء، إلى جانب تحليل الطيف الضوئي، تتيح للعلماء فهمًا أعمق لتكوين الكوكب وتاريخه الجيولوجي، بل حتى إمكانية احتضانه للحياة في الماضي البعيد.
المريخ في السماء ليس كما على الأرض
من سطح الأرض، يظهر المريخ بلون أحمر ساطع يميّزه بين الكواكب، لكن بفضل العدسات العلمية الدقيقة، أصبحت الصورة أكثر تعقيدًا وثراءً، فالمريخ كوكب متعدد الألوان، يخفي وراء مظهره البسيط أسرارًا علمية رائعة تتكشف لنا شيئًا فشيئًا مع كل مهمة فضائية جديدة.
لم يعد المريخ مجرد “كوكب أحمر” في سماء الليل. بفضل علم الفيزياء والتكنولوجيا المتطورة، نحن اليوم نعيد رسم صورة هذا العالم المجاور بألوان جديدة ومعانٍ أعمق. إنه ليس فقط كوكبًا له لون، بل سجل جيولوجي، ومختبر مفتوح لفهم تاريخ النظام الشمسي وربما الحياة نفسها. (اليوم السابع)
اترك ردك