وتُعد هذه النتائج أول إثبات مباشر على وجود خلايا منشئة يمكنها توليد خلايا عصبية في دماغ الإنسان البالغ، وهو ما يمثل ثورة في فهم الدماغ ووظائفه، خصوصاً في ما يتعلق بالذاكرة، الإدراك، والأمراض العصبية.
استخدمت الباحثة مارتا باترليني من معهد كارولينسكا، وفريقها البحثي، تقنية “تسلسل الحمض النووي الريبوزي” (RNA sequencing) لتحليل أكثر من 100 ألف خلية دماغية مستخرجة من أدمغة أطفال متوفين تبرعت عائلاتهم بها للبحث. ونجح الفريق في تتبّع “البصمات الجزيئية” التي تكشف مراحل عمر الخلايا داخل منطقة الحصين. وبتطبيق هذه التقنية على أدمغة 19 شخصاً بالغاً، تراوحت أعمارهم بين 13 و78 عاماً، عُثر على خلايا عصبية غير ناضجة في جميع العينات تقريباً، إلى جانب وجود الخلايا السلفية.
وفي حالتين بالغتين، تم رصد مستويات عالية بشكل خاص من هذه الخلايا، وتبيّن أن أحدهما كان مصاباً بالصرع — وهي حالة يُعتقد أنها ترفع وتيرة تكوّن الخلايا العصبية، كما أظهرت دراسات مماثلة على الفئران.
ويعتقد العلماء أن تكوّن الخلايا الجديدة قد لا يقتصر على الحصين فقط، بل يمتد إلى مناطق أخرى في الدماغ مثل “البصلة الشمية”، كما في الفئران. وتفتح هذه النتائج آفاقاً جديدة لفهم العلاقة بين تجدد الخلايا العصبية وأمراض مثل الزهايمر والاكتئاب واضطرابات الذاكرة.
ويؤكد الباحثون أن هذه الخطوة تُنهي جدلاً دام أكثر من نصف قرن، وتمنح العلم أدوات جديدة لفهم كيفية عمل الدماغ، مع إمكان تطوير علاجات للأمراض العصبية في المستقبل. وكما قال الباحث الألماني جيرد كامبرمان: “بات بإمكاننا أخيراً أن نركّز على ما هو أهم: كيف تُسهم هذه الخلايا في وظائف العقل البشري؟”.
اترك ردك