من المكتب إلى الموساد”.. حقائق مثيرة عن “إستخبارات إسرائيل

نشر موقع “الجزيرة نت” تقريراً جديداً تحدثت فيه عن كتاب جديد صدر هذا العام ويحمل عنوان “من المكتب إلى الموساد.. السنوات الأولى للموساد الإسرائيلي 1949 – 1963”. 

 

 

وذكر التقرير أن هذا الكتاب “يفتح نافذة نادرة على طريقة عمل جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية”، مشيراً إلى أنه “يعتمدُ على أرشيف داخلي للجهاز، وقد أظهر صورة مختلفة عما كان معروفاً سابقاً عن وحدات وأساليب ظلت بعيدة عن التداول”.

 


ويوضح التقرير أن “المعطيات كشفت أنّ جهاز الموساد لا يقتصر على العمل السري في ساحات المواجهة التقليدية، بل يمتد إلى استهداف الجاليات العربية والفلسطينية في الخارج، من خلال الابتزاز واستغلال الثغرات الاجتماعية إضافة إلى حملات التشويه الإعلامي واستخدام واجهات اقتصادية كغطاء لأنشطته”، وأضاف: “هذه الجوانب، وإن لم تكن جديدة كليا، إلا أن توثيقها يمنح القارئ العربي فهما أدق لطبيعة الخصم”.

وبينما كان يُنظر لهيئة الاستخبارات والمهمات الخاصة، والمعروفة اختصارا باسم “الموساد”، كوحدة واحدة، كشف الكتاب أن عمله موزّع على أقسام متخصصة، لكل منها مهام دقيقة وأساليب مختلفة.

ويعد هذا الكتاب الإصدار الأول العلني الذي تناول تأسيس الموساد وولادته، ويكشف عن 3 وحدات عملية رئيسية:

– وحدة تزومت (Tzomet)، المسؤولة عن تجنيد العملاء وتشغيلهم، وكانت تسيطر في بدايات الموساد على معظم النشاط العملياتي.

 


– وحدة ميفراتز (Mifratz)، المعنية بإدراة “المقاتلين السريين”، وبعد دمجها مع وحدة 188 التابعة للاستخبارات العسكرية، أصبحت تُعرف باسم “قيسارية”.

 


– وحدة تيفيل (Tevel)، للتعاون السري مع أجهزة استخبارات أجنبية.

 


وشملت أنشطة الموساد المبكرة وحدة سرية معنية بجمع المعلومات وتنفيذ مهام اقتصادية، وإنشاء بنى تحتية تستخدم كغطاء لتمويل عملياته، ومع تطور إسرائيل والجهاز، أُغلقت هذه الوحدة نهائياً.

ووفقاً لتحليلات المعهد الفيدرالي الأميركي للعلوم، يشمل الموساد أيضاً قسم العمليات الخاصة المعروف باسم “ميتسادا”، وهو المختص في تنفيذ مهام شديدة الحساسية، مثل التخريب والعمليات شبه العسكرية، والحرب النفسية.

وضمن ميتسادا توجد وحدة كيدون (Kidon)، المتخصصة في الاغتيالات والعمليات السرية، كما توجد وحدات أخرى تتنوع مهماتها بين التخصص في الدعاية، الحرب المعلوماتية، تطوير التكنولوجيا الحاسوبية وأبحاث إلكترونية واستغلال الإشارات الاستخباراتية.

الموساد في الدول العربية

 


في خمسينيات القرن الماضي، كانت وحدة تزومت تتولى تشغيل عملاء ميدانيين داخل الدول العربية، غالبا عبر بعثات دبلوماسية وهمية، من أبرز هذه الحالات العميلة “طال”، ابنة عائلة يهودية عراقية مهاجرة، التي انتحلت صفة لاجئة مسيحية فلسطينية.

تمكنت “طال” من الحصول على وظيفة في مكتب بعثة عربية في إحدى الدول الغربية، استطاعت الحصول على معلومات حساسة من داخل البعثة، وحتى مفاتيح المكتب، ما مكن عملاء الموساد من اقتحام المكتب سرا وعدة مرات لتصوير وثائق مهمة.

وتعد قصة “طال” نموذجا بارزا لدور وحدة “تزومت”، التي كانت ولا تزال تعنى بتجنيد وتشغيل جواسيس داخل الدول العربية. هذه الوحدة الدقيقة والمعقدة تتطلب فهما عميقا للطبيعة البشرية، وحضورا قويا، وقدرة عالية على التلاعب.

لكن هذه المحاولات لم تنجح دائما، إذ يستذكر الكتاب قصة “ديفيد ماغين”، الشاب الذي جُند عام 1948 وأُرسل لجمع المعلومات، لكنه تورط في  قضايا مخدرات وخيانة، بعدما عرض خدماته على سفارة عربية في فرنسا وسلمها معلومات حساسة، مما تسبب في أضرار كبيرا للموساد، وحكم عليه بالسجن، 14 عاما، خفضت لاحقا إلى 11 عاما.

وثمة أسس لتجنيد المقاتلين في هذه الوحدة بالتحديد، مثل تفضيل الزوجين للعمل معا بمهن اعتيادية لتغطية نشاطاتهم الاستخباراتية، إذ أورد الكتاب قصصا لعدد منهم، مثل “موشي” و”غادي”، وهما من المتحولين دينيا الذين هاجروا إلى إسرائيل وعملوا في إحدى الدول العربية.

وقد عمل “موشي” كخبير زراعي (مهنته الحقيقية) ومندوب لشركة بذور أوروبية، واستغل رحلات عمله إلى المناطق الزراعية للاستطلاع وجمع معلومات استخباراتية. أما “غادي”، فتمركز مع زوجته وابنه في بيروت وعمل في لبنان وسوريا.

كذلك “حداس” وزوجها “المحامي”، حيث عمل الأخير ضمن بعثة أثرية أوروبية، وهناك أيضا 3 مقاتلين كانوا يعرفون بـ”أولاد شامير”، لأنه كان يعرفهم من ماضيه ويجيد تشغيلهم رغم طباعهم الصعبة. أيضا شارك 3 مقاتلين غير يهود في وحدة ميفراتز، التي أصبحت رمزا للدولة وجرأتها العملياتية.

 


كان ذلك ضمن إطار خاص أقره رئيس الموساد آنذاك إيسر هاريل في محاولة للتسلل للدول العربية، وضمن وحدة تزومت، لكن هاريل أدرك لاحقاً أن الأمر يتطلب خبرة خاصة وسرية مشددة، فأنشأ وحدة جديدة باسم ميفراتز، تولى قيادتها إفرايم رونيل (الذي انتقل لاحقا لقيادة نشاط جلب يهود شمال أفريقيا إلى إسرائيل)، تلاه إزي دوروت، وإسحاق شامير (الذي كان من كبار قادة منظمة شتيرن وأصبح لاحقا رئيس وزراء).

ومع نهاية ولاية هاريل تضمنت الوحدة 17 مقاتلا، ومع دخول مائير عاميت منصب رئيس الموساد، نُقلت وحدة المقاتلين 188 (التابعة للاستخبارات العسكرية) إلى الموساد ودمجت مع ميفراتز، لتنشأ وحدة قيسارية، المتخصصة على مدى السنوات في تشغيل المقاتلين وتنفيذ العمليات الخاصة حول العالم.

هذا التطور في الوحدات يعكس كيف حاولت إسرائيل تنويع أدواتها الاستخباراتية بما يخدم مشروعها السياسي والأمني في المنطقة، وهو ما يفتح الباب للتساؤل حول أهداف هذه البنية المعقدة، وفق التقرير. (الجزيرة نت)

مواضيع ذات صلة