نقيب المحامين في بيروت في الذكرى الخامسة لانفجار المرفأ: لقد وفينا

عقد نقيب المحامين في بيروت، فادي المصري، مؤتمراً صحافياً في مكتبه في “بيت المحامي” بمناسبة الذكرى الخامسة لانفجار مرفأ بيروت، حضره النائب ملحم خلف بالإضافة إلى أعضاء مجلس النقابة ومكتب الادعاء لدى النقابة.


استهل المصري كلمته بالقول: “قبل خمس سنوات، فجِّر مرفأ العاصمة، فاهتزت بيروت وجوارها، وسقط الشهداء والضحايا، وتضررت المدينة بأحيائها التاريخية العتيقة وأبنيتها الجديدة وبأبراجها الشاهقة، وذُهل العالم من هول الكارثة، فيما بقيت الدولة متفرجة، والمرتكبون حتى الساعة بلا محاسبة، والعدالة تتقدم ببطء مثقلة بالعراقيل وتعطلها التجاذبات”.

وتابع: “لقد كانت نقابة المحامين، منذ اللحظة الأولى، في قلب المواجهة القضائية والحقوقية، فوقفت ونظمت وجندت وتوكلت وواجهت الفاجعة بالأمل والعلم والعمل وقبل كل شيء بالإرادة. فكان مكتب الادعاء في النقابة مركزا منظما لحراك قانوني وأخلاقي، لا تنفصل فيه المهنة عن القضية، ولا يتوارى فيه الضمير وراء الصمت”.

وقال: “لعدة سنوات، واجه التحقيق العدلي عراقيل ممنهجة، ومحاولات تعطيل صريحة، وقرارات صادمة، وعبثا قضائيا لم يشهد لبنان له مثيلا. ورغم كل ذلك، لم نستسلم، بل وقفنا وواجهنا وقلنا (لا) بوجه من أصر على قتل الأمل والرجاء بعد أن أصاب البشر بالصميم فضلا عن الحجر والبنيان”.

وأشار إلى أنه “في العام الماضي، وتحديدا في الذكرى الرابعة، رفعنا بوضوح، ومن (بيت المحامي) بالذات، مطلبا أساسيا: عودة التحقيق العدلي إلى مساره الطبيعي وإزالة العوائق المفروضة عليه. لم يكن مطلبا شعاراتيا، بل موقفا موثقا ببيانات ومرافعات ومراجعات حثيثة أمام الجهات القضائية المختصة، وبعمل صامت مع من يجب وحيث يجب وكما يجب من أجل صون التحقيق واستكماله ومنع اغتيال المسار العدلي لهذه القضية الكبرى”.

وأضاف: “واليوم، في هذه الذكرى الخامسة، نقف أمامكم لنقول بصدق: لقد وفينا. عاد التحقيق العدلي إلى الحياة، تحرر من الجمود، استؤنفت الإجراءات، واستعاد الملف نبضه القضائي. لقد تمكنا، مع مكتب الادعاء الذي يقوم بجهد جبار، ومن خلال الإصرار والتنسيق مع أهالي الشهداء والضحايا، ومن خلال العمل المستمر على مدار السنوات الخمس، من انتزاع هذا الإنجاز بمواجهة العجز والتعطيل”.

وتابع: “نعلن اليوم على الملأ بثبات وحزم كما عهدتمونا: أولا، إن عودة التحقيق إلى مساره العدلي ليست نهاية المطاف، بل استمرار لمسيرة ومسار هدفهما الوصول بسرعة، ولكن دون أية ثغرات إجرائية أو قانونية، إلى المحاكمة أمام المجلس العدلي. ثانيا، نعد اللبنانيين بمتابعة القضية أمام المجلس العدلي حتى يصدر الحكم العادل، حكم لا يظلم فيه بريء، ولا يستثنى فيه مسؤول مهما علا شأنه، ولا يقفل فيه الباب على أي حقيقة. سنكمل حتى النهاية، لأن العدالة الحقيقية لا تعرف التسويات، ولا تقايض بالسياسة، ولا تطمس بمرور الزمن”.

وأضاف: “ثالثا، إن التعويض على المتضررين، جميع المتضررين، من أصحاب الحق: أهالي الشهداء والضحايا، والجرحى والمصابين بممتلكاتهم، أمر أساسي، وعلى الدولة تحمل مسؤولية هذا التعويض في مطلق الأحوال. رابعا، إن كشف الحقيقة والمحاسبة هما الطريق الوحيد لبلسمة الجرح الذي أصاب الوطن مساء 4 آب 2020، وهما المفتاح لإعادة بناء الثقة المفقودة بين المواطن والدولة وبين صاحب الحق والقضاء، وبالتالي لعودة لبنان إلى مصاف الدول التي تحترم الإنسان وكرامته وسلامته وممتلكاته”.