وبحسب الصحيفة، “يهدف بوتين إلى الوصول إلى كييف لا إلى المفاوضات، لأن القضاء على كيان أوكرانيا الوطني وحده كفيلٌ بإصلاح خطئه التاريخي. وعلى الرغم من أن ترامب صنف بوتين بالـ”عبقري”، إلا أنه منذ غزا أدولف هتلر الاتحاد السوفييتي قبل 84 صيفاً لم يكن لأي مشروع عسكري نتائج شلبية بشكل شامل على صاحبه مثل غزو بوتين لأوكرانيا. والنتائج حتى الآن: توسّع حلف الناتو بانضمام السويد وفنلندا، ما جعل التحالف متجاورًا لحدود روسيا الممتدة على مسافة 800 ميل إضافية. وقد تعهد أعضاء الناتو، بعد أن استيقظوا من سباتهم، بإنفاق 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع. وقال اللورد هاستينغز ليونيل إسماي، أول أمين عام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، في تصريحه الشهير إن الحلف تأسس عام 1949 “لإبقاء الاتحاد السوفييتي خارجًا، والأميركيين داخلًا، والألمان تحت السيطرة”. انتهى الاتحاد السوفييتي، ولا تزال القوات الأميركية في أوروبا، وألمانيا تصعد عسكريًا. وبفضل اقتصادها الأكبر في الاتحاد الأوروبي، وناتجها المحلي الإجمالي الذي يتجاوز ضعف ناتج روسيا المحلي، أصبحت ميزانية دفاع ألمانيا الآن أكبر من ميزانية بريطانيا، وقد تتضاعف قريبًا. في الواقع، أمر بسيط يسلط الضوء على سوء تقدير بوتن الكبير: يتمركز لواء ألماني (4800 جندي بحلول نهاية عام 2027) في ليتوانيا، على الحدود مع روسيا”.
وتابعت الصحيفة، “تشير دراسة أجراها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إلى أن روسيا تكبدت خسائر فادحة في الأرواح والإصابات بلغت نحو مليون جندي نتيجةً للاستيلاء على نحو خُمس أراضي أوكرانيا. وأمر بوتين قواته الغازية، التي لم يُمنح لها سوى خمسة أيام من المؤن، بتجهيز زيها الرسمي لحضور عرض النصر في كييف. وبعد ثلاث سنوات، لجأت روسيا إلى أول تجنيد إجباري لها منذ الحرب العالمية الثانية، وضمّت المجرمين. وتحدثت مقالة نشرتها صحيفة وول ستريت جورنال مؤخرا عن جندي روسي انضم إلى الجيش عندما وصلت مكافأة التجنيد إلى 2 مليون روبل، أي 22 ضعف راتبه الشهري. وبعد ثلاثة أسابيع، تحديداً بعد أسبوعين من التدريب على إطلاق النار وتعلم الإسعافات الأولية الأساسية، كان على الخطوط الأمامية في أوكرانيا، يقاتل ضد جيش أوروبا، في الواقع، الجيش الأكثر خبرة في القتال في العالم”.
وأضافت الصحيفة، “قبل خمسة أشهر، أعلن تقرير صادر عن مكتب مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية أن روسيا لها “الغلبة” في أوكرانيا. ولكن تذكروا أنه عندما بدأت الحرب، كانت أجهزة الاستخبارات الأميركية متشائمة بقدر ما كان بوتين متفائلاً. واضطر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى رفض عرض أميركي لنقله جوًا إلى بر الأمان، وقيل إنه قال: “أحتاج إلى ذخيرة، لا إلى وسيلة نقل”. وكانت النتيجة الأهم لحرب بوتين هي توعية الولايات المتحدة بمدى عدم جاهزية قاعدتها الصناعية الدفاعية لإنتاج الذخائر، من قذائف المدفعية إلى الصواريخ، اللازمة للقتال الطويل الأمد. ومن هنا تأتي الأهمية المحدودة للقوة المذهلة التي تتمتع بها قاذفات B-2 في مواجهة إيران بالنسبة للأمن العام للولايات المتحدة. ونظراً للرد الأوروبي والأميركي على خطأ بوتين، لم يفت الأوان لكسب الحرب بالحفاظ على أوكرانيا. الهزيمة ليست حتمية، بل خيار”.
وبحسب الصحيفة، “في شباط الماضي، ومع دخول العدوان الروسي عامه الرابع، قاوم ترامب، الذي قال إن أوكرانيا “بدأت” الحرب، تضمين حقيقة أن روسيا هي المعتدي في بيان مجموعة السبع، وقارن أكبر حرب شهدتها أوروبا منذ عام 1945 بـ “طفلين صغيرين يتقاتلان كالمجانين”، وبمباراة هوكي يسمح فيها الحكام للاعبين بالمشاجرة لبعض الوقت. لكن ترامب يتحرك حيثما تأخذه الرياح والأهواء والهمسات. وفي الواقع، قد يدفعه خطأ بوتين الفادح إلى صف أوكرانيا. في هذه الحالة، قد يكون من الجيد أن يأخذ ترامب كل شيء على محمل شخصي. وهنا تكمن أهمية خيبة أمله”.
اترك ردك