في الأوّل من أيّار.. أحلام مفقودة وحقوق مسلوبة

 

ما هي فئات العمّال الأكثر تضرّراً جرّاء الأزمة؟
العاملون الشباب، تضرّروا بشدة فمنذ ما قبل الأزمة، كان معدل البطالة بين هؤلاء يبلغ ضعف معدل بطالة البالغين. ففي أزمات كهذه، يكون الشباب غالباً أول من يتعرض للصرف بسبب انخفاض مستوى خبراتهم. وللسبب نفسه أيضاً، يواجهون، بعد بداية التعافي، صعوبة أكبر في إيجاد عمل لأنهم يتنافسون مع مجموعة كبيرة من العاطلين من العمل الأكبر سناً والأكثر خبرة.
يسأل أحمد إبن الخامسة والثلاثين عاماً عن الفرح في الأعياد هذا العام وعمال لبنان بلا عمل، ويشير الى أنه كان يعمل في أحدى الشركات في بيروت وأقفلت كسائر المؤسسات التي أصابها الإفلاس بفعل الأزمة، ليعود إلى ضيعته برجا ويشتري سيارة مرسيدس ليعمل عليها، مضيفاً أن يوميته على التاكسي لا تكفيه ثمن خبز ودخان وأشياء بسيطة، وهو المسؤول عن نفسه فكيف بالحال لمن لديه عائلة وأولاد كيف يستطيع تأمين حياته وأكله وشربه.
وعلى المقلب الآخر يجلس محمد رمضان في منزله بعدما توقف عمله في المنشرة التي كان يعمل فيها، فأسعار الخشب إرتفعت كثيراً ما دفع الناس إلى التوقف عن تفصيل الأبواب واكتفت بالتصليحات في حال كان لديها أي أعطال.
وعن كيفية تأمين متطلبات عائلته يقول إن زوجته “ادخرت في السابق كم قطعة ذهب نبيع منها لنعيش وهي ليست بهذا الحجم أو السعر الجيد ولكن إرتفاع سعر الدولار يساعدنا قليلاً”.
تواجه النساء العاملات زيادة في مسؤوليّات الرعاية غير المدفوعة وتفاوتات مُتزايدة في الفرص والدخل. وفي حين يُعتبر لبنان متقدّماً في بعض النواحي بالمقارنة مع الدول العربية الأخرى، إلّا أن النساء فيه يخضعن بشكل كبير للأعراف الاجتماعية المقيّدة المُتعلقة بأدوار الجنسين على مدى أجيال، ويتوقّع من النساء التوفيق بين وظائفهن ومسؤوليّاتهن المنزليّة.
في حين أنّ توظيف النساء ذوات المهارات العالية، المتعلّمات، أصبح شائعاً بشكل متزايد على مرّ السنين في لبنان، فإنّ توظيف النّساء الأقل تعليماً في المهن الأوّلية، المنخفضة المهارات، أقلّ جاذبية لأصحاب العمل، إذ إنّ معظمهم يفضّلون توظيف رجال يمكنهم العمل لساعات أطول، وهم غير قلقين بشأن إجازة الأمومة والتكاليف الأخرى المتعلّقة برعاية الأطفال، بما فيها التغيّب عن العمل.
وتلفت “ليلى” وهي امرأة عاملة ومتزوجة إلى أن الأزمة في لبنان فاقمت العنف الاقتصادي الذي تعرّضت له، وهناك حالات كثيرة يطلب فيها الرجل من المرأة ترك عملها، باعتبار أن راتبها لا يساوي شيئاً وبالكاد يكفي لتعبئة الوقود مثلاً، فكانت الحلقة الأضعف.
وأضافت: “كنت اعتمد على عاملة منزل للمساعدة، ولم يعد باستطاعتي الاستعانة بها، فسوف اضطر لترك العمل للقيام بالأعمال المنزلية”.
وتتوقف ليلى عند ظاهرة “فقر الوقت”، وهي الأكثر انتشاراً وتأثيراً على صحة النساء الجسدية والنفسية، إذ إن النساء العاملات خصوصاً في ظروف صعبة وشاقة يواجهن ما يعرف بفقر الوقت، الذي تفاقمه أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر.
العمال المهاجرون واللاجئون، الذين عانوا دائماً من التهميش وغياب الحماية الاجتماعية، تأثّروا أكثر من غيرهم بسبب الصرف وتراجع قيمة الأجور وقلّة البدائل. ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة، دفع أسراً كثيرة الى خفض أجور عاملات المنازل المهاجرات أو التفاوض معهنّ على أجور جديدة أو إنهاء عقود عملهنّ من طرف واحد. ووجدت كثيرات من هؤلاء أنفسهنّ من دون عمل أو سكن أو أيّ وسيلة للعودة إلى بلدانهنّ.
ولعل أبرز أوجه الخلل في تنظيم العلاقة مع العمال الأجنبية تتلخص بما يلي :
-عدم اتباع السبل النظامية في دخول الأراضي اللبنانية عبر المعابر غير الشرعية وبنسبة عالية، بسبب ضعف الرقابة على الحدود البرية والبحرية.
-الإشتراك في عمليات سرقة وسلب للبيوت والمارة والمحال التجارية بالإشتراك مع أشخاص من جنسيات أخرى بما فيها القيام بأعمال إجرامية.
-إستخدام المستندات المزورة، والإتجار بالأسلحة والممنوعات بما فيها المخدرات والأعمال المنافية للحشمة في مناطق عدة.
– إنخراط العمال السورين في غالبية المهن اليدوية وفي قطاع الزراعة، وفي بعض المصانع وفي قطاع الخدمات السياحية وأعمال التنظيفات. وهي دائرة واسعة النطاق لتشغيل اليد العاملة اللبنانية بوجه عام، وغالبية هذه المهن محظورة على العمال السوريين.
تقدّر مصادر أن عدد المغتربين اللبنانيين يفوق عدد سكانه المقيمين بـ3 أضعاف، ثم إن الأرقام المتداولة للذين غادروا لبنان خلال العامين الماضيين وحده “مخيفة”. ولعل الأخطر هو أن القسم الأكبر ممن ما زالوا يعيشون فيه يتحيّنون الفرصة لـ”الهرب” بعدما باتت هذه البقعة الصغيرة، التي لطالما كانت محط أنظار العالم واهتمامه وإعجابه وانبهاره، بقعة مظلمة غير قابلة للعيش يرزح قسم كبير من سكانها تحت فقر شديد.
خيبة الأمل لدى اللبنانيين كبيرة؛ فأيًا كان مستوى تعليمهم، فإن الوظائف غير متوفرة، وحتى الرواتب لا تؤمن احتياجاتهم.
ويحتج اللبنانيون اعتراضًا على التراجع الشديد في مستوى المعيشة والأوضاع المالية والاقتصادية، والتدهور البالغ في الخدمات العامة، مثل الكهرباء والمياه والنفايات والرعاية الصحية والضمان الاجتماعي.